عند فرق المتكلمين... وفي علم الكلام بنوع خاص " (1).
ولا شك فيه أن هؤلاء المتكلمين على اختلاف أهوائهم وميولهم في ذلك العهد قد درسوا الفلسفة، ولكنهم ظلوا محتفظين باستقلال شخصية تفكيرهم أكثر ممن جاء بعدهم من الفلاسفة. وهشام بن الحكم الذي تموج على آرائه وتفكيره عناصر فلسفية يجدها المطالع، يمثل دور التطور، وبداية عهد انتقال الكلام في عناصره الإسلامية الخالصة إلى عهد فلسفي جديد، ترف عليه الألوان الفلسفية في حلة أخرى لم تعهد من قبل.
ويفهم من حكاية إضمار يحيى بن خالد البرمكي الشر لهشام وتغيره عليه، بعد أن كان مقربا عنده في حظوة، ربما كان يغبطه عليها سواه، أن سببها طعن هشام على الفلاسفة ونقضه لآرائهم الذي أدى إلى ميل الرشيد إلى هشام وتقريبه منه، الأمر الذي حمل خالدا على أن يغير قلب الرشيد بالوشاية، ويتمحل له الأسباب التي تغريه به، مخافة أن يؤول تقريب الرشيد لهشام إلى تقلص نفوذه عنده وزوال أمره.
ويظهر أن يحيى بن خالد كان ميالا لتأييد آراء الفلاسفة ومناصرا لمبادئهم كما هو الشأن في أكثر الشعوبية، الذين لا يريدون أن يجعلوا للإسلام منقبة أو فضيلة، وأن يبينوا فضيلة الشعوب الأخرى على العرب.
وطعن هشام على الفلاسفة الذين غاظ يحيى، لا بد أن