مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٨ - الصفحة ٥٤
عنه الرجس وطهره تطهيرا، وغير ذلك من الأمثلة.
كما إنه يلاحظ في نظم الأدلة والوجوه في تلك المسائل عندهم، التكديس الركامي من دون تمحيص لمؤدى كل دليل أو وجه، ومن دون مقايسته بأدلة الطرف الآخر، فتراهم مثلا يتمسكون بحجية سنة الشيخين بأحاديث آحاد قد تكون حسنة الإسناد عندهم، بينما لا يقابلونها مع الأحاديث المتواترة بطرقهم، كحديث الثقلين، وحديث المنزلة، والغدير، وغيرها..
فانظر مثلا إلى التفتازاني في شرح المقاصد عندما يستعرض وجوه وأدلة إمامة علي (عليه السلام) فهو يقر بجملة فضائله، إلا أنه يحكم ويكيل القول عشوائيا بأن فضائل الشيخين أولى، مع أنه هو نفسه حكى عن إمام الحرمين أن روايات الفضائل في الأربعة متعارضة والترجيح ظني، ومع أن اللازم هو التعمق في موازنة كل وجه من الوجوه، ومدى مؤداه، ومقابلته مع الوجه الثاني في الطرف الآخر، سواء من حيث قوة السند والدلالة، أو علو وشموخ المعنى ومسلمية المصداق المراد بين الفريقين، عن غيره من الأحاديث.
والأهم هو تحليل الفضيلة التي هي عبارة عن كمال ما، فإنه عنوان مجمل عام لا بد من تقرير حده هل ينطبق على العصمة أو على عمل خاص معين دون أن يحدث صفة كمالية دائمة في الشخص، أو على غير ذلك مما يتناسب مع صفات الراوي ونحوه.
والغريب من التفتازاني في الكتاب المزبور، مع أنه يتذمر من معاوية ويزيد وبني أمية وما فعلوه من ظلم بذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أنه يقرر إمامة المتغلب الباغي القاهر للمسلمين بسيفه وسطوته!
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست