مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٨ - الصفحة ٥٢
فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم.
قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم...
قال ابن عباس: فقدمنا المدينة... فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب، فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف...
فجلس عمر على المنبر... ثم قال:... ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول: والله لو مات عمر بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة... ".
فإن مسلسل الرواية يصرح أن قائلا قال بعزمه على أن يبايع بيعة الفلتة، وأن عمر غضب، لأن هذه البيعة، بيعة الفلتة - البغتة والفجأة والنهزة والخلسة والاغترار والمبادرة -، لا يقرها هو، فغضب لأمور المسلمين، وأنه يريد تحذيرهم من هؤلاء الغاصبين! وأن ما وقع من بيعة أبي بكر كانت كذلك، وكانت ذات شر وقى الله المسلمين شرها، وأنها من غير مشورة من المسلمين، إذ كان حينها لغط واختلاف في الآراء عند مداولة أمر الإمامة والخلافة والبيعة بينهم، وأن المرتكب لها يستحق القتل، وأن مباغتته ببيعة الأول كانت مدافعة للآخرين!
هكذا يرسم لنا عمر صورة إمامة أبي بكر.
وعلى أية حال، فإن مثل هذه الإمامة على تقدير مشروعيتها - بمنطق العسكر والقوة، لا بمنطق الدين والعقل -، فإنها لا توجب كون صاحبها لا يزل ولا يخطأ، وتتبع سنته قائمة إلى يوم القيامة، ويكون له حظ المشرع في الدين.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست