مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٤ - الصفحة ٢٤٢
وقبل طي صفحاته، نود الإشارة السريعة إلى خطأ ما قد يتصور من انتهاء سلبية الموقف الحكومي الشاذ بعد عهد عمر بن عبد العزيز الأموي (ت 101 ه‍)، الذي أوعز - في فترة سلطته - إلى أبي بكر محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري الخزرجي (ت 120 ه‍) بكتابة الحديث خوفا من اندراسه، لما رأى تعسف آبائه وقادته وأسلافه، وسعيهم الجاد في محاولة انطماسه، وذلك ببقاء سلبية الموقف الرسمي وتحكم شذوذه واستمرار أهدافه وأغراضه حتى بعد رفعه، وبصورة جلية، وشكل علني واضح وصريح.
وغاية ما حصل هو أن تحول الحظر العام - لأجل نمط معين من الأحاديث، أو لتمرير الأخطاء الفاحشة في الإفتاء على المسلمين دون رقيب وحافظ للسنة، لكي لا يلوح بها في وجه السلطة ويصحح أخطاءها بما عنده من حديث، أو لكليهما معا - إلى حظر خاص استهدف ذلك النمط من الأحاديث بعينه.
وهكذا أصبحت النظرية السياسية في الحكم التي جاءت بها السقيفة، وثقف الحظر عقول الناس بها مؤصلة في الحظر الخاص بتدوين ما يخدم أصولها، ويضفي عليها الشرعية، ويمنحها القدسية، ويرفع من شأن قادتها إلى مستوى الاعتقاد بحجية أقوالهم! مع عدم الاكتراث بما عند أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم من مدونات حديثية سبقت انفتاحهم على التدوين، إذ لم تشهد قط فترة انقطاع تفصلها عن مصدر ومعين الحديث الثر، كل ذلك لتشتيت مبدأ النص والتعيين، تارة بتطويق أنصاره، وأخرى بإخراج أخبارهم من فلك التدوين.
بينما كان المنطق والعقل السليم يفرضان على مدوني تلك الفترة أن
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»
الفهرست