مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ١٠
لكن الغريب والمؤسف: أنا نجد في عصرنا هذا شرذمة ممن تصدى للحديث الشريف بالنقد، ولم يسلك مسلكا واضحا محددا في تعامله مع هذا المصدر، الثر، الغني، من مصادر الفكر الإسلامي، بل هو يتأرجح " بين التقليد والاجتهاد " في نقد الحديث:
فتارة يحاول أن يعرض أسانيد ما وصله من الأحاديث على طاولة النقد، فيشرح عللها، ويراجع كلمات علماء الرجال في شأن رواتها، ويحاول المقارنة بين مدلولاتها، ويوافق على ما يعقله، ويسميه صحيحا، ويحكم بالضعف بل الوضع على ما لا يدركه بعقله، ويميز بين الحديث الصحيح وبين غيره حسب رأيه.
وبهذا يساير أهل الاجتهاد!
وتارة أخرى: يلجأ إلى كتب القدماء مما أسموها " الصحاح " ليستشهد بعملهم، وإيرادهم للحديث على صحة حديث ما، وبعدم وجود الحديث فيها على تضعيفه، بل الحكم بوضعه.
وبهذا يكون من أهل التقليد!
ومن هؤلاء كاتب مقال " تراثنا وموازين النقد " المنشور في العدد العاشر من مجلة كلية " الدعوة الإسلامية " الليبية " (2).

(٢) لقد وقفت على هذا العدد من المجلة، فوجدته مشحونا بالبحوث العلمية القيمة نذكر من أمثلتها:
بحث " التنوع في أساليب القرآن الكريم " في الصفحات ١٠ - ٣٤، فإنه بحث مبدع في عرض بلاغة القرآن، ويتبنى الذوق والدقة.
بحث " منهج التقارب بين المذاهب الفقهية من أجل الوحدة الإسلامية " فإنه بحث إصلاحي قيم، يعتمد الهدوء والمتانة في الأسلوب والعرض.
لكن مقال " تراثنا وموازين النقد " عكر صفو الجودة والإتقان في المجلة، حيث إنه مقال:
معاد الموضوع، مكرر في كتب ومجلات سابقة، كما ستقف على ذلك ضمن عرضنا لما كتب في الموضوع.
وهو حاد اللهجة، وسيئ الأدب في التعبير عما لا يراه.
وهو يتسم بالاستفزاز والتحرش، والسخرية والاستهزاء بآراء الآخرين.
ولا يحتوي على شئ جديد، لا في المادة والفكرة، ولا في الأسلوب والعرض، كما سنثبت ذلك في ردنا هذا.
فلذلك، إنا نربأ بتلك المجلة القيمة من أمثال هذا المقال الهابط المستوى، ونهيب بهيئة التحرير على تقديم الأفضل دائما، والله الموفق والمعين.
(١٠)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست