مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ٩
وجاء الجيل الثاني، وبذل جهودا مضنية كذلك معتمدا " الطرق " المأمونة والموثوقة، متكبدا الصعوبات وراكبا الرحلات، فاستدرك على الأوائل ما فاتهم، سواء في الجمع، أم في النظم، فألفوا المعاجم، والمستدركات، والجوامع المتأخرة.
ووقف الناس في عصر متأخر على كل تلك الثروة الغالية، للاستفادة والتزود في مجالات العلم والعمل.
وانقسم المتأخرون في التعامل مع الحديث المجموع:
فمنهم من استند إلى ما قام به الأقدمون من النقد والاختيار، واقتنعوا بما توثق منه أولئك من كتب الحديث ومصادره، ولم يحاولوا إجراء قواعد النقد عليها من جديد، فأصبحوا ملتزمين بالتقليد لأولئك القدماء في هذا الأمر، كما التزموا بتقليد الفقهاء الأربعة، في آرائهم الفقهية، والأحكام الشرعية، وحصروا طرق معارفهم الدينية بما توصل إليه الأقدمون، من دون تجاوز، أو نقد!
ومنهم من عارض منهج التقليد في المصادر، وهم طائفة ممن يلتزم بإطلاق سراح الفكر والنظر ليجول ويبدع، ويقول بفتح باب الجد والاجتهاد في علوم الإسلام كافة.
وهؤلاء لا يلتزمون بالتقليد، حتى في الفقه ومعرفة الأحكام، ومصادر المعرفة كافة، ومنها الحديث.
فليست لهم مذاهب فقهية معينة ومحددة يلتزمون بها، بل يعملون بما يوصل إليه الاجتهاد.
وكذلك لا يلتزمون بما يسمى من الكتب " صحيحا "، بل ينقدون أسانيد كل حديث يصل إلى مسامعهم، معتمدين طرق النقد المعروفة عند علماء الحديث.
ولكل من الفريقين - أهل التقليد، وأهل الاجتهاد - أدلته وحججه، ومن اعتمد على دليل معتبر، فهو معذور ومأجور على قدر جهده.
(٩)
مفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست