صفات الله عند المسلمين - حسين العايش - الصفحة ٤٣
وقال أبو الصلاح الحلبي (رحمه الله): (وهو تعالى لا يشبه المحدثات المتحيزة وما حلها من الأعراض لقدمه تعالى وحدوث هذه الأجناس ويستحيل إدراكه تعالى بشئ من الحواس لاختصاص حكم الادراك المعقول بالأجسام والأعراض وليس كذلك، وإدراك لا يعقل لا يجوز إثباته، ولأنه تعالى لو كان مدركا بشئ من الحواس لوجب أن ندركه الآن لكوننا على الصفة التي لها يجب إدراك الموجود مع ارتفاع الموانع (1) وأضاف بأنه: غني يستحيل عليه الحاجة، وأنه واحد لا ثاني له في القدم) (2) وقد رد جميع ما يتوهم منه تشبيه الله تعالى بأحد مخلوقاته في هذا الكلام الموجز.
إذن كلما دل من أحاديث وآيات على أنه تعالى له يد أو وجه أو يضحك فهو مؤول على رأي أبي الصلاح، وقد قال العلامة الطوسي صاحب (تجريد الاعتقاد):
(إن وجوب الوجود يدل على سرمديته ونفي الزائد، والشريك، والمثل، والتركيب بمعانيه، والضد والتحيز والحلول، والاتحاد، والجهة، وحلول الحوادث فيه، والحاجة، والألم مطلقا، واللذة المزاجية، والمعاني والأحوال والصفات الزائدة عينا، والرؤية).
وأما اليد والوجه والقدم والكرم والرضا والتكوين... الخ (3) ويشير في آخر كلامه إلى عدم وجود صفات قديمة هي يد ووجه (كما ذهب إليه المجسمة) كما أن قدمه هو ذاته، ولا يوجد صفة بمعنى القدم (كما ذهب إليه الأشاعرة) وأن الرحمة، والكرم، والرضا، صفات مغايرة للذات فهي من صفات الفعل برأيه، كما أن التكوين الذي قال به بعض الأحناف ليس صفة قديمة لله، وكلامه (رحمه الله) برهان على نفي هذه الأوصاف التي لا تكون إلا للممكن وليست من أوصاف واجب

(١) تقريب المعارف، ص 51 - 52.
(2) نفس المصدر، ص 52 - 53.
(3) كشف المراد، ص 290 - 301 طبع جامعة المدرسين عام 1407 ه‍. ق.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست