شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ١٩٩
ناسيا إن ذلك خلاف النصوص وخلاف السنة بتعليم العلم ونشر المعارف وحرية الفكر وإذا كان حقا يريد هو وأبو بكر المحافظة على القرآن الكريم فما كان أجدر به كما جمع القرآن الكريم أن يجمع الصحابة وأخص العلماء منهم ودرج وتدوين الأحاديث الصحيحة وتهذيبها ونشرها بعد ضبطها لا تركها تروى حسب ميولهم وأهوائهم، فلعائشة أن تروي ما شاءت وأمثال عائشة ثم إطلاق يد الأمويين وأتباعهم وأشياعهم بالدس والوضع والتحريف.
فأي فتوح هذه التي قام بها عمر وأي تطور نشره وهو يمنع نشر المعارف الإسلامية ويقضي على المعارف والعلوم في العالم باسم الإسلام ويعمل سلطته المطلقة مهددا بدرته وتعزيره حابسا أنفاس المسلمين وسالبا الحرية الفكرية وإبداء الرأي عن الماضي والمستقبل ومخالفا القرآن، والسنة حينما يقول إن أكرمكم عند الله أتقاكم ولا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى والعلم ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وإذا به مع اعترافه بجهله وكذلك اعتراف خيار الصحابة فإذا بهم يخشون من إبداء رأيهم والتحدث في زمنه وقدم العرب على غيرهم وقدم أولاد الطلقاء وأولئك الذين حاربوا الإسلام قبل وبعد إسلامهم على خيار المهاجرين والأنصار وفي مقدمتهم بني هاشم. تلك اللطخة السوداء التي غيرت صفحة تاريخ المسلمين ومزقتهم إربا وشيعا ومذاهب وفرقا وشوهت المثل العليا التي جاء بها الإسلام بإطلاق الحريات البدنية والفكرية وتجليل العلماء والمساواة والعدالة بين الأفراد والشعوب وإذا به يقول ما حن أعجمي على عربي، ويعيد بكلمة واحدة العصبية القومية والنعرة الجاهلية.
أين هذا مما هو يشهد بفضله وعلمه ويقول فيه عقرت النساء أن يلدن مثل بن أبي طالب عليه السلام. وفي أخرى لولا علي عليه السلام لهلك عمر وفي أخرى لو وليها الأجلح لبلغ بكم الطريق فما حداه أن يحيد عنه ويسند ملك بني أمية بالشورى. يوم جعل عبد الرحمن صهر عثمان وأخوه بالتآخي وشريكه في أشراره
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»