مفهومان، والحسن والقبح مفهومان آخران، لا يندرجان في ضمن الأولين وهذا بخلاف الحيوان والناطق فإنهما مضمنان في مفهوم الإنسان.
وبعبارة أخرى: إن حمل الذاتي على النوع من مقولة الحمل الأولي، والمراد منه ما يتحد المحمول مع الموضوع مفهوما ويختلفان بالإجمال والتفصيل، فيقال:
الإنسان حيوان ناطق، فما يفهم من الإنسان هو المفهوم من الحيوان الناطق، غير أن الإنسان إجمال الثاني، والثاني تفصيل الأول، وهذا بخلاف التحسين والتقبيح فلا يحملان على العدل والظلم بالحمل الأولي، لأن المفهوم من الأولين (العدل والظلم) غير المفهوم من التحسين والتقبيح، فلو قلنا العدل حسن فالحمل من مقولة أخرى كما سيتضح.
وبذلك يعلم وجه الضعف في كلام الشهرستاني حيث أبطل ذاتية التحسين والتقبيح للأفعال، بما يلي:
إن الصدق والكذب على حقيقة ذاتية لا تتحقق ذاتهما إلا بأن كان تلك الحقيقة مثلا كما يقال: إن الصدق إخبار عن أمر على ما هو به، والكذب إخبار عن أمر على خلاف ما هو به، ونحن نعلم أن من أدرك هذه الحقيقة عرف التحقق ولم يخطر بباله كونه حسنا أو قبيحا، فلم يدخل الحسن والقبيح إذا في صفاتهما الذاتية التي تحققت حقيقتهما ولألزمتهما في الوهم بالبديهة كما بينا. (1) وهذا الانتقاد الذي وجهه مبني على تصور أن الذاتي في المقام هو الذاتي في باب الإيساغوجي، وقد عرفت أن الذاتي هنا ليس بهذا المعنى إذ ليس الحسن ولا القبيح جنسا أو فصلا بالنسبة إلى موضوعهما.