بسم الله الرحمن الرحيم المدخل شغلت قاعدة التحسين والتقبيح العقليين بال كثير من المفكرين منذ عصور قديمة إلى يومنا هذا، فقلما يتفق أن يخوض باحث في العلوم الإنسانية دون أن يشير إليها، لعلاقتها بعلوم جمة ولا سيما علم الكلام والأخلاق والفقه.
مثلا الباحث في الكلام الذي يبحث عن أفعال الله سبحانه من حيث الجواز والامتناع، أي ما يجوز عليه أن يفعل كبعث الرسل، وما لا يجوز كإتيان الكاذب المعجزة، يتخذ الحسن والقبح أساسا لقضائه البات.
كما أن الباحث في الأخلاق حينما يتناول القيم الإنسانية بالبحث يتعرض إلى تلك القاعدة بأخذ ما يحسنه العقل أساسا للقيم وما يقبحه أساسا للرذائل، فلا غنى له عنهما.
والباحث في أصول الفقه - أي العلم الذي يبحث عن قواعد الاستنباط وأدلته - يخوض في غمار تلك القاعدة في أكثر مباحثه، نظير القول بأن الأمر بالشئ يلازم الأمر بمقدمته لقبح التفكيك بينهما، أو أن الأمر بالشئ يلازم النهي عن ضده لنفس الملاك، فيتخذها الأصولي أصلا موضوعيا لاستنباط وجوب مقدمة الواجب أو حرمة ضده.
وليست الملازمات نسيج وحدها في تفرعها على تلك المسألة بل ثمة