دفع أباطيل الكاتب - السيد المرتضى المهري - الصفحة ٣٦
بيت واحد، والملاحظ المنصف يحصل له القطع بان الشيخين لم يكتفيا بمنع علي عليه السلام حقه بل حاولا أن لا ينال علي ذلك بعد وفاتهما أيضا، فتجد انها احتجا عليه بأنه شاب وان مشيخة الصحابة لا يرضون بتأمر شاب عليهم ومع ذلك فلم يرض عمر أن يجعل الخلافة له من بعده ولم يكن الامام آنذاك شابا، بل حاول بالمكيدة التي ذكرنا شطرا منها في تعيين عناصر الشورى أن يمنعه من الوصول إليه، ولو لم يقتل عثمان لما آل الأمر إليه عليه السلام بعده أيضا.
هذا وهناك رأي آخر يسلم ان الإمام عليه السلام لم يواجه الحاكمين بنصوص الخلافة ولكنه يرى ان هناك مبررات لهذا السكوت، ومع انا لا نوافق على ذلك، بل نعتقد ان الامام وأصحابه وأهل بيته بما فيهم سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها جابهوا الحاكمين بل وسائر الصحابة بتلك النصوص كما مر ذكره ولكنا نذكر هذه الفكرة لأنها تستحق الدراسة والتأمل ومن لم يطمئن بتصريح الامام، له أن يفسر ذلك بهذا الرأي.
يقول المفكر الاسلامي الكبير سيدنا الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه في كتابه القيم فدك في التاريخ:
ونحن نتبين من الصورة المشوشة التي عرفناها عن تلك الظروف والأوضاع ان الاعتراض بتلك النصوص المقدسة والاحتجاج بها في ساعة ارتفع فيها المقياس الزئبقي للأفكار المحمومة والأهواء الملتهبة التي سيطرت على الحزب الحاكم إلى الدرجة العالية كان من التقدير المعقول افتراض النتائج السيئة له لأن أكثر النصوص التي صدرت من رسول الله صلى الله عليه وآله في شأن الخلافة لم يكن قد سمعها الا مواطنوه في المدينة من مهاجرين وأنصار فكانت تلك النصوص اذن الأمانة الغالية عند هذه الطائفة التي لابد أن تصل عن طريقهم إلى سائر الناس في دنيا الاسلام يومئذ والى الأجيال المتعاقبة والعصور المتتالية. ولو احتج الامام على جماعة أهل المدينة بالكلمات التي سمعوها من رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه وأقام منها دليلا على إمامته وخلافته لكان الصدى الطبيعي لذلك أن يكذب الحزب الحاكم صديق الأمة في دعواه وينكر تلك النصوص التي تمحو من خلافة الشورى لونها الشرعي وتعطل منها معنى الدين.
وقد لا يجد الحق صوتا قويا يرتفع به في قبال ذلك الانكار لأن كثيرا من قريش وفي مقدمتهم الأمويون كانوا طامحين إلى مجد السلطان ونعيم الملك وهم يرون في تقديم الخليفة على أساس من النص النبوي تسجيلا لمذهب الإمامة الإلهية، ومتى تقررت هذه النظرية في عرف الحكم الاسلامي كان معناها حصر الخلافة في بني هاشم آل محمد الأكرمين وخروج غيرهم من المعركة خاسرا. وقد نلمح
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»