بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٠
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين، حتى جاءهم فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا معشر المسلمين! الله، الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، بعد أن هداكم الله بالإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم من الكفر وألف به بين قلوبكم. (1) وقد تركت كلمة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وقعا في نفوسهم، حيث فطنوا إلى أنها نزعة من نزعات الشيطان، فندموا على عندما وقع منهم ثم انصرفوا.
إن كلمة الرسول، كشفت القناع عن الخدعة اليهودية، وأطفأت نار الفتنة في مهدها، ودخلت في القلوب المؤمنة وصيرتهم إخوانا متحابين.
هذه القصة وكم لها من نظير تعكس لنا المحاولات المستميتة التي يبذلها أعداء الإسلام بغية الإطاحة بوحدة المسلمين وتمزيق شملهم.
ولو كان في عصر الرسول شاس أو شاسان من اليهود، ففي الوقت الحاضر المئات بل الألوف منهم جندوا قواهم الشيطانية، وأثاروا النعرات الطائفية بين المسلمين من خلال طرح مسائل هامشية لتكدير صفوهم.
إن أساليب الأعداء في إثارة الفتن لا تعد ولا تحصى، ولهم مخططات مختلفة حسب عندما تقتضيه الظروف والبيئات.

١. انظر السيرة النبوية: ١ / 555 - 556، ط عام 1375 ه‍.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 5 7 8 9 10 11 13 14 15 16 ... » »»