الغيبة الصغرى والسفراء الأربعة - الشيخ فاضل المالكي - الصفحة ٦٢
من ادعى أنه رآني وأني وكلته فلا تصدقوه، لأن المفروض أنه في زمن الغيبة الكبرى لا توجد نيابة شخصية كما ذكرنا سابقا، يعني الإمام سلام الله عليه لم يستنب شخصا بعينه، وإنما النيابة العامة للفقهاء العدول كما سمعتم في التوقيع السابق: " وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله "، فهنا المقصود بالرؤية ليست الرؤية العادية، بل الرؤية المقرونة بدعوى السفارة والنيابة، هذا أول محمل.
المحمل الثاني: أن المقصود بالرؤية الرؤية التي يراد منها ترتيب آثار معينة على قول الرائي، لأن هذا أمر مشكل أن يأتي إنسان فيقول رأيت الإمام سلام الله عليه وقال لي كذا، قال لي اصنع كذا، إفعل كذا، لا تفعل كذا، إذا فتحنا الباب أمام هذا المعنى يعني أن نصدق كل من يدعي الرؤية في أن ينقل عن الإمام ما شاء فإن ذلك سوف يولد إرباكا كبيرا في الأحكام وفي عقائد ومفاهيم الشريعة الإسلامية.
فالمقصود هنا بالرؤية ليس مجرد الرؤية للإمام سلام الله عليه، وإنما المقصود الرؤية المصحوبة إما بدعوى النيابة، أو المقصود بها الرؤية التي يريد بها الرائي ترتيب الأثر على كلامه.
أنتم تعلمون أنه في زمن الغيبة الكبرى من رأى الإمام سلام الله عليه وأيقن في ما بينه وبين الله أنه رأى الإمام، فرؤيته حجة عليه، أما سائر الناس فلا يكون ذلك حجة عليهم.
فلعل الإمام يقول لا تصدقوه لا يقصد بأنه لم ير، لعله يريد: لا ترتبوا الأثر، لأن هذا قد يجئ يدعي الأحكام الشرعية يقول قال لي
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 » »»
الفهرست