الامامة ذلك الثابت الإسلامى المقدس - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ٤٧
ويقول أنصاره: الثابت هو المقدس الذي لا يناقشه أحد من المسلمين، بينما المتحول يخضع للمناقشة لاختلاف المسلمين فيه. (1) ونحن هنا لسنا في صدد النقاش حول ما إذا كانت المفردات المذكورة لها هذا الموقع الذي ذكره في واقع النصوص والسالمية في وقاع المسلمين أو لا، فلذلك مجاله اللاحق - إن شاء الله تعالى - لو كان يهمنا في البدء التوقف عند الزيف الذي حاول فيه أن يغطي على واقع النظرية السالمية في شأن الثبات والتغير، فمن حقنا أن نتساءل عن الأساس الشرعي لفكرته عن الثبات والتحول، ومن أي مصدر استقاها؟ فإن كان ثمة أثر من نص أو دليل شرعي، فنحن بحاجة لسماعه، أما أن يكون الدليل الشرعي كتابا وسنة خلاف ذلك قلبا وقالبا، فمن حقنا عندئذ أن نبدأ بإثارة أصابع الاتهام الفكري مرة، والانحرافي أخرى (2).!!

١ - مجلة المنهاج العدد الثلاث، وكذا دراسات وبحوث: ٣١٢.
٢ - حاول فضل الله تبرير ذلك بالقول إنه كتبها لواقع غير إمامي في أمريكا محاولا استمالتهم إلى ذلك (فكر وثقافة العدد ١٦ ومجلة المنهاج العدد الثلاث)، وهي محاولة عجيبة مرة في العرض وأخرى في المفهوم، فلعمري أيجري الحديث مع غير الإمامية بقضايا من قبيل العصمة والولاية التكوينية أو علم الإمام أو عصر الغيبة ووجوب الخمس مما لا يمكن التحدث به مع العامة لوضوح عدم إيمانهم بما قبل ذلك، فكيف يمكن التحدث معهم بالصغريات وهم لا يؤمنون بكبرياتها؟!! علما أن الرجل له مواقف تتراوح بين النفي المطلق لهذه الأمور، وبين التشكيك بتفاصيلها، ففي العصمة ناهيك عن مخالفته لمقولات الإمامية في العصمة الاختيارية حيث ينفيها في بادئ التبليغ حيث يقول في الطبعة الجديدة لكتابه من وحي القرآن ما نصه: من الممكن من الناحية التجريدية أن يخطئ النبي في تبليغ آية أو ينساها، في وقت معين ليصحح ذلك ويصرح به بعد ذلك لتأخذ الآية صيغتها الكاملة الصحيحة. (من وحي القرآن ٤: ١٥٣) الطبعة الثانية دار الملاك بيروت ١٩٩٨).
أما في غير التبليغ فحدث ولا حرج فعلاوة على موافقة من عصمة الأنبياء عليهم السلام والرسول صلى الله عليه وآله وسلم والتي يعرض فيها كثيرا (أنظر للتفصيل كتاب: لماذا عده ضالا ومضلا؟ وكذا كتاب خلفيات كتاب مأساة الزهراء عليها السلام) وبزعمه فليس ثمة ضير على ثقة الناس بالنبي أو الإمام لمجرد خطأ هنا أو خطأ هناك. (في رحاب أهل البيت: ٤٠٤).
أما الولاية التكوينية فهو ينفيها جملة وتفصيلا كما عرفت ذلك في كتابنا الولاية التكوينية الحق الطبيعي للمعصوم عليه السلام، وأما علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضلا عن الأئمة عليهم السلام فهو الآخر ينفيه حيث يقول ما نصه: فالظاهر من كل الآيات نفي العلم الذاتي حتى على نحو التبعية بمعنى جعل النبي عالما بالغيب بحيث يملك الغيب في ذاته بقدرة الله في عطائه له كما أعطاه ملكاته الأخرى. (أنظر: بشرية النبي في كتاب دراسات وبحوث قرآنية (م. س): ٦٠٢ وما يقرب من ذلك في مقالة: صورة النبي محمد في القرآن الكريم المنشور في مجلة الثقافة الإسلامية العدد: 65 الصفحة: 64).
هذا مع العلم أن المقال لم ينتشر في وسط العامة، وإنما انتشر في مجلة شيعية تقرأ غالبيتها في أوساط شيعية، فلو كانت مبرورات العرض مع العامة تقتضي ما ذكروه، فما بالهم أبقوا الأمر على ما كان عليه مع العامة حينما نشروها وسط الخاصة، هذا من حيث العرض أما من حيث المفهوم، فلعمري متى كان النقاش مع الخصم يستدعي التنازل عن أساسيات الخصام؟! وما لهذا التنازل بقي يروج له في كتبه ونشراته حتى حينما اقتصر ترويجها في الساحة الشيعية!!.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست