الأمر بين الأمرين - مركز الرسالة - الصفحة ١٠١
خلال اختياره ولا يشعر بالرعاية الإلهية وهيمنة الله تعالى على حركته وحياته إلا نادرا. وهو لا شك إحساس خاطئ ينشأ من احتجابه عن الله تعالى وألطافه الخفية، وإلا فإن مساحة الأمر بين الأمرين هي كل مساحة حياة الانسان، وهو في كل شؤونه وأعماله وحركاته يتعامل مع الله تعالى، ويأخذ من الله من حيث لا يشعر، ولله تعالى في حياة الانسان إمدادات غيبية وألطاف خفية لا يشعر بها الانسان، إلا من آتاه الله تعالى من عنده بصيرة وفقها ومعرفة.
روى الكليني (رحمه الله) في (الكافي) والصدوق في (التوحيد) عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) - قالا:
ى إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون ي. فسئلا هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟
قالا (عليهما السلام): ى نعم، أوسع مما بين السماء والأرض ي (1).
وفي رواية أخرى للكليني (رحمه الله) في (الكافي) عن يونس، عن عدة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال له رجل: جعلت فداك، أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال (عليه السلام): ى الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها ي. فقال له: جعلت فداك، ففوض الله إلى العباد؟ قال (عليه السلام): ى لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي ي. فقال له: جعلت فداك، فبينهما منزلة؟ قال: فقال (عليه السلام): ى نعم أوسع ما بين السماء والأرض ي (2).
وهذه الأحاديث والنصوص تبين لنا حقيقة هامة يجب أن نأخذها بنظر

(١) الكافي ١: ١٥٩ / ٩ باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين - كتاب التوحيد.
(٢) الكافي ١: ١٥٩ / 11 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين - كتاب التوحيد.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 99 100 101 102 103 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المركز 5
2 مقدمة الكتاب 9
3 الفصل الأول الحتمية التأريخية والحتمية الكونية 13
4 النتائج السلبية لهاتين الحتميتين 15
5 الاستغلال السياسي للحتمية التأريخية 15
6 بنو أمية والحتمية السلوكية والتأريخية 16
7 الاستغلال السياسي للحتمية الثانية 17
8 العلاقة بين الحتميتين 19
9 موقف القرآن من هاتين الحتميتين 21
10 موقف أهل البيت عليهم السلام من هاتين الحتميتين 23
11 الحتمية الأولى 24
12 الحتميات الإلهية في سلوك الانسان 25
13 أصل الكسب 26
14 مناقشة أصل الكسب 28
15 الحتميات المادية المعاصرة 29
16 نقد الحتمية التأريخية 31
17 الاستغلال السياسي للحتمية 33
18 التفويض 35
19 الفصل الثاني موقف القرآن من مسألة (الحتمية) و (استغلال الانسان) 39
20 1 - مبدأ حرية الاختيار في القرآن 39
21 2 - نفي التفويض واستغلال الانسان في القرآن 45
22 الفصل الثالث مذهب أهل البيت عليهم السلام (الامر بين الامرين) 51
23 تفسير الامر بين الامرين 52
24 السبب الذي صرف العلماء عن (الامر بين الامرين) 52
25 الاختيار ليس مساوقا للاستقلال 54
26 تفسير علماء مدرسة أهل البيت (الامر بين الامرين) 55
27 التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء 55
28 مناهج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام لتفسير (الامر بين الامرين) 57
29 تقرير وشرح لنظرية (الامر بين الامرين) 58
30 المثال الذي استعان به المحقق السيد الخوئي لتوضيح الامر 59
31 رأي الشيخ المفيد 60
32 1 - رفض نسبة أفعال الناس إلى الله 60
33 2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله 65
34 الفصل الرابع أهل البيت عليهم السلام في موقع الدفاع عن (التوحيد) و (العدل) 73
35 1 - نظام القضاء والقدر في الكون 73
36 2 - القضاء والقدر هو النظام الإلهي في الكون وحياة الانسان 76
37 3 - القيمومة الإلهية الدائمة على نظام القضاء والقدر في الكون 78
38 4 - تتم المعاصي من الناس بقضاء الله وقدره ولا يعصى مغلوبا 80
39 5 - التفكيك بين إرادة الله التكوينية والتشريعية 85
40 6 - حرية الاختيار لدى الانسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر 88
41 7 - مسؤولية الانسان في فعله 93
42 8 - الهيمنة الإلهية على حركة القضاء والقدر في الكون والتأريخ 94
43 9 - قانون الامداد والخذلان الإلهي في حياة الناس 96
44 الخاتمة 99