الأمر بين الأمرين - مركز الرسالة - الصفحة ٣٣
وسوف نعود إلى دراسة هذه النقطة مرة أخرى في سياق هذا البحث.
الاستغلال السياسي للحتمية:
وأكثر النتائج السلبية المترتبة على الإيمان بهذه الحتميات، تعطل دور الانسان وحركته في بناء التاريخ، وتعطل دوره في تقرير مصيره. فإن الانسان إذا آمن بأن حركته وفعله يخضع لسلسلة من العوامل الحتمية الخارجة عن إرادته واختياره يشعر بأنه عنصر فاقد التأثير، لا دور له في صناعة مصيره ومصير مجتمعه، ومع هذا الإيمان وهذه القناعة لا يمكن أن يكون الانسان مصدرا للتحرك والتغيير في حياته الفردية والاجتماعية.
ولذلك، فإن الإيمان بالحتمية (التاريخية والفردية) كان موضع تبني الأنظمة الاستبدادية في تاريخ الإسلام.
فإن هذا الإيمان يطوع الناس للاستسلام السياسي ويروضهم لقبول الظلم.
وقد كان بنو أمية يتبنون نظرية الجبر. يقول أبو هلال العسكري: إن معاوية أول من زعم أن الله يريد أفعال العباد كلها (1). ولما اعترض عبد الله ابن عمر على معاوية في تنصيب ابنه يزيد خليفة من بعده. قال له معاوية: (إني أحذرك أن تشق عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملأهم، وأن تسفك دماءهم، وإن أمر يزيد قد كان قضاء من القضاء، وليس للعباد خيرة من أمرهم) (2).

(1) الأوائل، لأبي هلال العسكري 2: 125.
(2) الإمامة والسياسة، لابن قتيبة 1: 210 تحقيق شيري - بيروت 1990 م.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المركز 5
2 مقدمة الكتاب 9
3 الفصل الأول الحتمية التأريخية والحتمية الكونية 13
4 النتائج السلبية لهاتين الحتميتين 15
5 الاستغلال السياسي للحتمية التأريخية 15
6 بنو أمية والحتمية السلوكية والتأريخية 16
7 الاستغلال السياسي للحتمية الثانية 17
8 العلاقة بين الحتميتين 19
9 موقف القرآن من هاتين الحتميتين 21
10 موقف أهل البيت عليهم السلام من هاتين الحتميتين 23
11 الحتمية الأولى 24
12 الحتميات الإلهية في سلوك الانسان 25
13 أصل الكسب 26
14 مناقشة أصل الكسب 28
15 الحتميات المادية المعاصرة 29
16 نقد الحتمية التأريخية 31
17 الاستغلال السياسي للحتمية 33
18 التفويض 35
19 الفصل الثاني موقف القرآن من مسألة (الحتمية) و (استغلال الانسان) 39
20 1 - مبدأ حرية الاختيار في القرآن 39
21 2 - نفي التفويض واستغلال الانسان في القرآن 45
22 الفصل الثالث مذهب أهل البيت عليهم السلام (الامر بين الامرين) 51
23 تفسير الامر بين الامرين 52
24 السبب الذي صرف العلماء عن (الامر بين الامرين) 52
25 الاختيار ليس مساوقا للاستقلال 54
26 تفسير علماء مدرسة أهل البيت (الامر بين الامرين) 55
27 التنظير الفلسفي لارتباط الانسان بالله تعالى حدوثا وبقاء 55
28 مناهج علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام لتفسير (الامر بين الامرين) 57
29 تقرير وشرح لنظرية (الامر بين الامرين) 58
30 المثال الذي استعان به المحقق السيد الخوئي لتوضيح الامر 59
31 رأي الشيخ المفيد 60
32 1 - رفض نسبة أفعال الناس إلى الله 60
33 2 - نفي استقلال الانسان في أفعاله 65
34 الفصل الرابع أهل البيت عليهم السلام في موقع الدفاع عن (التوحيد) و (العدل) 73
35 1 - نظام القضاء والقدر في الكون 73
36 2 - القضاء والقدر هو النظام الإلهي في الكون وحياة الانسان 76
37 3 - القيمومة الإلهية الدائمة على نظام القضاء والقدر في الكون 78
38 4 - تتم المعاصي من الناس بقضاء الله وقدره ولا يعصى مغلوبا 80
39 5 - التفكيك بين إرادة الله التكوينية والتشريعية 85
40 6 - حرية الاختيار لدى الانسان داخل الدائرة الحتمية للقضاء والقدر 88
41 7 - مسؤولية الانسان في فعله 93
42 8 - الهيمنة الإلهية على حركة القضاء والقدر في الكون والتأريخ 94
43 9 - قانون الامداد والخذلان الإلهي في حياة الناس 96
44 الخاتمة 99