نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ٤٣٠
استقرت بها الدار، قالت لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا بن أبي طالب: اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحيلة أبي وبلغة ابني، لقد أجهر في خصامي، وألفيته ألد في كلامي، حتى حبستني قيلة نصرها، والمهاجرة وصلها، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت راغمة، أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب، وافترشت التراب، ما كففت قائلا، ولا أغنيت باطلا، ولا خيار لي، ليتني مت قبل هنيئتي ودون ذلتي، عذيري الله منك عاديا ومنك حاميا، ويلاي في كل شارق! مات العمد ووهن العضد، شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربي، اللهم أنت أشد قوة وحولا، وأحد بأسا وتنكيلا.
فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): لا ويل عليك، الويل لشانئك، نهنهي [٦١] عن وجدك [٦٢] يابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون وكفيلك مأمون، وما أعد لك أفضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله فقالت حسبي الله، وأمسكت.
أقول: هذه الخطبة من الخطب المشهورة التي روتها الخاصة والعامة بأسانيد متظافرة، مع اختلافات يسيرة في بعض كلماتها، فقد رواها ابن أبي الحديد في شرح النهج في كتاب علي (عليه السلام) إلى عثمان بن حنيف [٦٣]. ورواها أيضا علي بن عيسى الإربلي في كتابه كشف الغمة [٦٤]. وأشار إليها المسعودي في مروج الذهب [٦٥]. كله من كتاب السقيفة لأبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، وهو عالم، محدث، كثير الأدب، ثقة، ورع، أثنى عليه المحدثون [٦٦] ورووا عنه مصنفاته، وهو قد رواها بطرق عديدة في نسخة قديمة قرئت عليه سنة ٣٢٢ هجرية، ورواها أيضا السيد المرتضى (قدس سره) بإسناده عن عروة عن عائشة [٦٧]. وروى بعض فقراتها الصدوق (قدس سره) في علل الشرائع بأسانيد عديدة [٦٨]. ورواها أيضا جمع آخر بأسانيد مختلفة [٦٩] فلا شبهة في صدورها من بيت الوحي. وأن الشيخ المفيد (قدس سره) روى أبياتها [٧٠]. والسيد بن طاووس (قدس سره) روى في كتاب الطرائف موضع الشكوى منها بسنده من العامة عن ابن مردويه [٧١] وهو الحافظ الثقة عندهم. ورواها الطبرسي (قدس سره) في كتاب الاحتجاج [٧٢]... إلى غير ذلك من رواتها.
[١] المناقب: ٣٢٨ / ٣٤٥.
[٢] تاريخ اليعقوبي ٢: ٤٦٩، معجم البلدان ٤: ٢٤٠، نهج الحق وكشف الصدق: ٣٥٧.
[٣] الأوائل: ١٨٨.
[٤] الإسراء: ٢٦.
[٥] لاث به الناس، أي: اجتمعوا حوله، النهاية (لابن الأثير) ٤: ٢٧٥.
[٦] اللمة - بضم اللام وتخفيف الميم -: الجماعة، النهاية (لابن الأثير) ٤: ١٧٧.
[٧] الجهش: أن يفزع الإنسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء، الصحاح (الجوهري) ٣: ٩٩٩.
[٨] السبوغ: الكمال..
[٩] جم الشيء: كثر.
[١٠] أضفناه من الاحتجاج.
[١١] الذود والذياد: الطرد والدفع والإبعاد: انظر المصباح المنير ١: ٢١١ (ذود).
[١٢] النصب - بالفتح والضم - العلم المنصوب، لسان العرب ١: ٧٥٩ (نصب).
[١٣] آل عمران: ١٠٢.
[١٤] فاطر: ٢٨.
[١٥] التوبة: ١٢٨.
[١٦] صدعت بالحق: إذا تكلمت به جهارا، المصباح المنير ١: ٣٣٥ (صدع).
[١٧] النذار - بالكسر -: الإنذار، أقرب الموارد ٢: ١٢٨٨ (نذر).
[١٨] الثبج - بالتحريك -: وسط الشيء ومعظمه، النهاية (ابن الأثير) ١: ٢٠٦ (ثبج).
[١٩] آل عمران: ١٠٣.
[٢٠] الأنفال: ٢٦.
[٢١] البهمة: الشجاع الذي يستبهم على أقرانه مأتاه، جمعه: بهم، أقرب الموارد ١: ٦٥.
[٢٢] المائدة: ٦٤.
[٢٣] ألفاكم: وجدكم.
[٢٤] التوبة: ٤٩.
[٢٥] الكهف: ٥٠.
[٢٦] آل عمران: ٨٥.
[٢٧] ريث - بالفتح -: قدر، وريثما: قدر ما. المصباح المنير ١: ٢٤٧.
[٢٨] الحسو - بفتح الحاء وسكون السين المهملتين -: شرب المرق وغيره، شيئا بعد شيء.
[٢٩] المائدة: ٥٠.
[٣٠] مريم: ٢٧..
[٣١] النمل: ١٦.
[٣٢] مريم: ٥ - ٦.
[٣٣] الأنفال: ٧٥..
[٣٤] النساء: ١١.
[٣٥] البقرة: ١٨٠.
[٣٦] الأنعام: ٦٧..
[٣٧] الزمر: ٣٩ - ٤٠.
[٣٨] الوهي - كالرمي - الشق والرمي.
[٣٩] في الاحتجاج ١: ١٠٣. كسفت الشمس والقمر وانتثرت..
[٤٠] آل عمران: ١٤٤.
[٤١] بنو قيلة: الأوس والخزرج قبيلتا الأنصار.
[٤٢] التوبة: ١٣.
[٤٣] الدعة: الراحة والسكون، مجمع البحرين ٤: ٢٠٣ (خفض).
[٤٤] دسع الرجل دسعا: قاء ملء الفم، ودسع بقيئه: رمى به. أقرب الموارد ١: ٣٣٣.
[٤٥] إبراهيم: ٨.
[٤٦] البث: النشر والإظهار، المصباح المنير ١: ٣٦ (بث).
[٤٧] الهمزة: ٦ - ٧..
[٤٨] الشعراء: ٢٢٧..
[٤٩] سبأ: ٤٦.
[٥٠ و ٥١] هود: ١٢١ و ١٢٢.
[٥٢] الكراع - بضم الكاف -: جماعة الخيل، النهاية (ابن الأثير) ٤: ١٦٥ (كرع).
[٥٣] لا نزوي: لا نقبض ولا نصرف، انظر الصحاح ٦: ٢٣٦٩ (زوا).
[٥٤] مريم: ٦..
[٥٥] النمل: ١٦.
[٥٦] يوسف: ١٨.
[٥٧] محمد: ٢٤.
[٥٨] غافر: ٧٨.
[٥٩] الهنبثة: واحدة الهنابث، وهي الأمور الشداد المختلفة، النهاية (ابن الأثير) ٥: ٢٧٨ (هنبث).
[٦٠] الوابل: المطر الشديد، المصباح المنير ٢:، ٦٤٦ (وبل).
[٦١] نهنهت الرجل عن الشيء فتنهنه، أي: كففته وزجرته فكف، الصحاح ٦: ٢٢٥٤ (نهه).
[٦٢] الوجد من الحزن والموجدة من الغضب، انظر كتاب العين ٦: ١٦٩ (وجد).
[٦٣] شرح نهج البلاغة ١٦: ٢١١..
[٦٤] كشف الغمة ١: ٤٨٠.
[٦٥] مروج الذهب ٢: ٣٠٤.
[٦٦] انظر شرح نهج البلاغة (لابن أبي الحديد) ١٦: ٢١٠.
[٦٧] الشافي ٤: ٦٩ - ٧٢.
[٦٨] لم نعثر بهذا النص ولكن انظر علل الشرائع ١: ١٥٤ / باب ١٢٤.
[٦٩] كما في تفسير القمي ٢: ١٥٥، أمالي الطوسي: ٦٩٤، بحار الأنوار ٢٩: ٢٣٢.
[٧٠] أمالي المفيد (مصنفات الشيخ المفيد ١٣: ٤١).
[٧١] الطرائف: ٢٤٨.
[٧٢] الاحتجاج ١: ٩٨ - 108.