____________________
العقل. وذلك لا يلائم إلا مع القول بكون الحسن والقبح أمرين اعتباريين، وإلا لزم القول بصدور القبيح منه تعالى، ونعوذ بالله من التفوه بذلك.
«و» الجواب: أن «العقل إن» رأى «تزاحم القبح» الموجود في الضدين، ولم يجد مندوحة عنهما، وازن بين القبحين قلة وكثرة، وعند ذلك «استقل» في حكمه «بفعل ما يكون قبحه أقل» من قبح صاحبه. وإنما يكون ذلك منه إرشادا إلى لزوم اختيار المكلف ذلك ليتخلص به مما هو أعظم منه. وحينئذ يوافقه الشرع بمثل حكمه إرشادا أيضا، وذلك لا يثبت حسنا في المأمور به، ولا ينافي عدم رضاه بما أشار عليه للتخلص عما هو أقبح وأشنع، وإنما المنافي لعدم رضاه والمبين لثبوت الحسن الواقعي في المأمور به ليس إلا الأوامر المولوية الصادرة منه بداعي الطلب الجدي، لا بداعي الترخيص بالأوامر الإرشادية منه تعالى بارتكاب أقل القبيحين إذا كان اضطرار العبد إلى ارتكاب أحدهما بسوء اختياره.
وبذلك اشتهر بين الفقهاء وسائر العلماء أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار (1).
ويشهد لذلك ولعدم رضا الشارع بشيء من القبيحين استحقاق المكلف للعقاب بارتكاب كل منهما قولا واحدا، كما إذا رمى نفسه من شاهق بسوء اختياره، وهلك بالسقوط فإنه لا شبهة ولا خلاف في استحقاقه العقوبة على السقوط والهلاك، مع خروجهما عن قدرته بعد الرمي، وليس ذلك من العقاب على الأمر الاضطراري الذي يستقبحه العقل بعدما عرفت من كون اضطراره بسوء اختياره بالرمي، وذلك غير مناف لاختياره.
ويشهد أيضا لعدم الرضا منه تعالى بكلا القبيحين في المثال أنه لو فرض وجود مندوحة للتخلص منهما جميعا بالطيران إلى الجو مثلا على تقدير عدم كونه
«و» الجواب: أن «العقل إن» رأى «تزاحم القبح» الموجود في الضدين، ولم يجد مندوحة عنهما، وازن بين القبحين قلة وكثرة، وعند ذلك «استقل» في حكمه «بفعل ما يكون قبحه أقل» من قبح صاحبه. وإنما يكون ذلك منه إرشادا إلى لزوم اختيار المكلف ذلك ليتخلص به مما هو أعظم منه. وحينئذ يوافقه الشرع بمثل حكمه إرشادا أيضا، وذلك لا يثبت حسنا في المأمور به، ولا ينافي عدم رضاه بما أشار عليه للتخلص عما هو أقبح وأشنع، وإنما المنافي لعدم رضاه والمبين لثبوت الحسن الواقعي في المأمور به ليس إلا الأوامر المولوية الصادرة منه بداعي الطلب الجدي، لا بداعي الترخيص بالأوامر الإرشادية منه تعالى بارتكاب أقل القبيحين إذا كان اضطرار العبد إلى ارتكاب أحدهما بسوء اختياره.
وبذلك اشتهر بين الفقهاء وسائر العلماء أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار (1).
ويشهد لذلك ولعدم رضا الشارع بشيء من القبيحين استحقاق المكلف للعقاب بارتكاب كل منهما قولا واحدا، كما إذا رمى نفسه من شاهق بسوء اختياره، وهلك بالسقوط فإنه لا شبهة ولا خلاف في استحقاقه العقوبة على السقوط والهلاك، مع خروجهما عن قدرته بعد الرمي، وليس ذلك من العقاب على الأمر الاضطراري الذي يستقبحه العقل بعدما عرفت من كون اضطراره بسوء اختياره بالرمي، وذلك غير مناف لاختياره.
ويشهد أيضا لعدم الرضا منه تعالى بكلا القبيحين في المثال أنه لو فرض وجود مندوحة للتخلص منهما جميعا بالطيران إلى الجو مثلا على تقدير عدم كونه