أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ٢٥١
حديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من أهم الواجبات شرعا وعقلا، وهو أساس من أسس دين الاسلام، وهو من أفضل العبادات، وأنبل الطاعات، وهو باب من أبواب الجهاد، والدعوة إلى الحق، والدعاية إلى الهدى، ومقاومة الضلال والباطل، والذي ما تركه قوم إلا وضربهم الله بالذل، وألبسهم لباس البؤس، وجعلهم فريسة لكل غاشم، وطعمة كل ظالم.
وقد ورد من صاحب الشريعة الاسلامية، وأئمتنا المعصومين صلوات الله عليهم، في الحث عليه، والتحذير من تركه، وبيان المفاسد والمضار في إهماله ما يقصم الظهور، ويقطع الأعناق. والمحاذير التي أنذرونا بها عند التواكل والتخاذل في شأن هذا الواجب قد أصبحنا نراها عيانا، ولا نحتاج عليها دليلا ولا برهانا.
ويا ليت الأمر وقف عند ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتجاوزه إلى أن يصير المنكر معروفا والمعروف منكرا، ويصير الآمر بالمعروف تاركا له، والناهي عن المنكر عاملا به، فإنا لله وإنا إليه راجعون [ظهر الفساد في البر والبحر] (1) فلا منكر مغير، ولا زاجر مزدجر. لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، الناهين عن المنكر العاملين به (2).

(١) الروم ٣٠: ٤١.
(٢) ولله دين الاسلام ما أوسعه وأجمعه لقوانين السياسة الدينية والمدنية، وأمهات أسباب الرقي والسعادة. فلما جعل الشارع الأحكام، ووضع الحدود والقيود للبشر، والأوامر والنواهي بمنزلة القوة التشريعية، احتاج ذلك إلى قوة تنفيذية، فجعل التنفيذ على المسلمين جميعا، حيث أوجب على كل مسلم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ليكون كل واحد قوة تنفيذية لتلك الأحكام، فكلكم راع وكلكم مسؤول [عن رعيته]، والجميع مسيطر على الجميع. فإذا لم تنجح هذه القوة، ولم يحصل الغرض منها بحمل الناس على الخير، وكفهم عن الشر، فهناك ولاية ولي الأمر، والراعي العام، والمسؤول المطلق، وهو الإمام أو السلطان المنصوب لإقامة الحدود على المجرمين، وحفظ ثغور المسلمين.
وفي وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل به من الفوائد والثمرات، وعظيم الآثار، ما يضيق عنه نطاق البيان في هذا المقام، ولكن هل تجد مثل هذه السياسة في دين من الأديان؟ وهل تجد أعظم وأدق من هذه الفلسفة أن يكون كل انسان رقيبا على الآخر، ومهيمنا عليه؟
وعلى كل واحد واجبات ثلاثة: أن يتعلم ويعمل، وأن يعلم، وأن يبعث غيره على العلم والعمل؟
فتأمل وأعجب بعظمة هذا الدين، وأعظم من ذلك وأعجب من حالة أهليه اليوم، فلا حول ولا قوة إلا بالله. " منه قدس سره ".
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 مقدمة التحقيق 7
3 متن الكتاب 113
4 مقدمة الطبعة الثانية 115
5 مقدمة الطبعة السابعة 129
6 مدخل الطبعة الأولى 137
7 مناقشة الدكتور أحمد أمين في تقولاته 139
8 الشيعة من الصحابة 144
9 الشيعة من التابعين 149
10 مؤسسو علم النحو من الشيعة 152
11 مؤسسو علم التفسير من الشيعة 152
12 مؤسسو علم الحديث من الشيعة 152
13 مؤسسو علم الكلام من الشيعة 153
14 مؤسسو علم السير والآثار من الشيعة 154
15 مؤرخو الشيعة 154
16 شعراء الشيعة 155
17 الملوك والامراء والوزراء والكتاب الشيعة 159
18 الحديث عن الرجعة 167
19 الجنة لمن أطاع والنار لمن عصى 168
20 فرق الغلاة المنقرضة 172
21 الحديث عن عبد الله بن سبأ 179
22 نشأة التشيع 184
23 عقائد الشيعة أصولا وفروعا 210
24 وظائف العقل 218
25 التوحيد 219
26 النبوة 220
27 الإمامة 221
28 العدل 229
29 المعاد 232
30 وظيفة القلب والجسد 232
31 تمهيد وتوطئة 233
32 الصلاة 239
33 الصوم 242
34 الزكاة 243
35 الزكاة الفطرة 244
36 الخمس 245
37 الحج 247
38 الجهاد 249
39 الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 251
40 المعاملات 252
41 عقود النكاح 253
42 نكاح المتعة 253
43 الطلاق 278
44 الخلع والمباراة 286
45 الظهار والايلاء واللعان 287
46 الفرائض والمواريث 288
47 الوقوف والهبات والصدقات 291
48 القضاء والحكم 293
49 الصيد والذباحة 296
50 ظريفة 298
51 الأطعمة والأشربة 299
52 الحدود 303
53 حد الزنا 303
54 حد اللواط والسحق 304
55 حد القذف 304
56 حد المسكر 305
57 حد المحارب 306
58 حدود مختلفة 306
59 القصاص والديات 309
60 الخاتمة 313
61 البداء 313
62 التقية 315
63 ملحقات الكتاب 321