أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ١٩٧
الخلفاء الراشدين، سار معاوية بسيرة الجبابرة في المسلمين، واستبد واستأثر عليهم، وفعل في شريعة الاسلام ما لا مجال لتعداده في هذا المقام، ولكن باتفاق المسلمين سار بضد سيرة من تقدمه من الخلفاء، وتغلب على الأمة قهرا عليها، وكانت أحوال أمير المؤمنين عليه السلام وأطواره في جميع شؤونه جارية على نواميس الزهد والورع، وخشونة العيش، وعدم المخادعة والمداهنة في شئ من أقواله وأفعاله، وأطوار معاوية كلها على الضد من ذلك تماما.
وقضية إعطائه مصر لابن العاص على الغدر والخيانة مشهورة (1)، وقهر

(١) روت المصادر التأريخية المختلفة: أن معاوية بن هند لما عزم على الخروج على علي ابن أبي طالب عليه السلام، أرسل إلى عمرو بن العاص طالبا منه القدوم إليه من مصر، فشد إليه الرحال حتى قدم عليه في الشام، فتذكرا أمر الخروج على علي عليه السلام وقتاله، فترادا في القول حتى قال معاوية له: ولكنا نقاتله على ما في أيدينا، ونلزمه قتل عثمان.
فقال عمرو: وا سوأتاه، إن أحق الناس ألا يذكر عثمان لا أنا ولا أنت!
فقال معاوية: ولم ويحك؟
فقال: أما أنت فخذلته ومعك أهل الشام حتى استغاث بيزيد بن أسد البجلي، وأما أنا فتركته عيانا وهربت إلى فلسطين!
فقال معاوية: دعني من هذا، مد يدك فبايعني.
قال: لا لعمر الله، لا أعطيك ديني حتى آخذ من دنياك!
فقال معاوية بن هند: لك مصر طعمة.
وهكذا اتفق الفريقان حيث تم لمعاوية ما أراد من شراء دين ابن العاص قبال ثمن زهيد ومتاع قليل، لم يلبث أن خلفه من وراءه ليقف أمام محكمة السماء مثقلا بذنوبه ومعاصيه، حتى قيل أنه تذكر ذلك على فراش الموت على ما ترويه كتب التأريخ فقال: يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة، أصلحت لمعاوية دنياه وأفسدت ديني، أثرت دنياي وتركت آخرتي، عمي علي رشدي حتى حضرني أجلي.
أنظر: وقعة صفين: ٣٤، تأريخ اليعقوبي ٢: ١٨٤، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ٢ / ٦١، سير أعلام النبلاء ٣: ٧٢، مختصر تأريخ دمشق 19: 244، العقد الفريد 4: 97 و 5: 92، عيون الأخبار 1: 438.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 مقدمة التحقيق 7
3 متن الكتاب 113
4 مقدمة الطبعة الثانية 115
5 مقدمة الطبعة السابعة 129
6 مدخل الطبعة الأولى 137
7 مناقشة الدكتور أحمد أمين في تقولاته 139
8 الشيعة من الصحابة 144
9 الشيعة من التابعين 149
10 مؤسسو علم النحو من الشيعة 152
11 مؤسسو علم التفسير من الشيعة 152
12 مؤسسو علم الحديث من الشيعة 152
13 مؤسسو علم الكلام من الشيعة 153
14 مؤسسو علم السير والآثار من الشيعة 154
15 مؤرخو الشيعة 154
16 شعراء الشيعة 155
17 الملوك والامراء والوزراء والكتاب الشيعة 159
18 الحديث عن الرجعة 167
19 الجنة لمن أطاع والنار لمن عصى 168
20 فرق الغلاة المنقرضة 172
21 الحديث عن عبد الله بن سبأ 179
22 نشأة التشيع 184
23 عقائد الشيعة أصولا وفروعا 210
24 وظائف العقل 218
25 التوحيد 219
26 النبوة 220
27 الإمامة 221
28 العدل 229
29 المعاد 232
30 وظيفة القلب والجسد 232
31 تمهيد وتوطئة 233
32 الصلاة 239
33 الصوم 242
34 الزكاة 243
35 الزكاة الفطرة 244
36 الخمس 245
37 الحج 247
38 الجهاد 249
39 الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 251
40 المعاملات 252
41 عقود النكاح 253
42 نكاح المتعة 253
43 الطلاق 278
44 الخلع والمباراة 286
45 الظهار والايلاء واللعان 287
46 الفرائض والمواريث 288
47 الوقوف والهبات والصدقات 291
48 القضاء والحكم 293
49 الصيد والذباحة 296
50 ظريفة 298
51 الأطعمة والأشربة 299
52 الحدود 303
53 حد الزنا 303
54 حد اللواط والسحق 304
55 حد القذف 304
56 حد المسكر 305
57 حد المحارب 306
58 حدود مختلفة 306
59 القصاص والديات 309
60 الخاتمة 313
61 البداء 313
62 التقية 315
63 ملحقات الكتاب 321