أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ١٥٠
جبير، وسعيد بن المسيب، والأصبغ بن نباتة، وسليمان بن مهران الأعمش، ويحيى بن يعمر العدواني صاحب الحجاج (1)، وأمثال هؤلاء ممن يطول

(١) لعل المتبادر إلى أذهان البعض أن لهذا الرجل صحبة مع الحجاج لعنه الله تعالى، إلا أن لذلك واقعة مشهورة بين الاثنين عرف ابن يعمر بها، ومن ذلك فإن الشيخ كاشف الغطاء رحمه الله تعالى أشار إلى ذلك الأمر مجرد إشارة لوضوحه.
وتلك الواقعة يرويها الشيخ الكراجكي (المتوفى سنة ٤٤٩ ه‍) في كتابه الشهير كنز الفوائد (١: ٣٥٧):
قال: قال الشعبي: كنت بواسط، وكان يوم أضحى، فحضرت العيد مع الحجاج فخطب خطبة بليغة، فلما انصرف جاءني رسوله، فأتيته فوجدته جالسا مستوفزا، فقال: يا شعبي، هذا يوم أضحى، وقد أردت أن أضحي برجل من أهل العراق! وأحببت أن تسمع قوله فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به!.
فقلت: أيها الأمير، لو ترى أن تتسنن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وتضحي بما أمر أن يضحي به، وتفعل مثل فعله، وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره.
فقال: يا شعبي، إنك إذا سمعت ما يقوله صوبت رأيي فيه، لكذبه على الله وعلى رسوله، وإدخاله الشبهة في الاسلام!
قلت: أفيرى الأمير أن يعفني من ذلك؟
قال: لا بد منه.
ثم أمر بنطع فبسط، وبالسياف فأحضر، وقال: احضروا الشيخ.
فأتوه به، فإذا هو يحيى بن يعمر، فاغتممت غما شديدا، وقلت في نفسي: وأي شئ يقوله يحيى مما يوجب قتله.
فقال له الحجاج: أنت تزعم أنك زعيم أهل العراق؟.
قال يحيى: أنا فقيه من فقهاء أهل العراق.
قال: فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله؟
قال: ما أنا زاعم ذلك، بل قائل بحق.
قال: وبأي حق قلت؟
قال: بكتاب الله عز وجل.
فنظر إلي الحجاج وقال: اسمع ما يقول، فإن هذا مما لما أكن سمعته عنه، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه [وآله]؟
فجعلت أفكر في ذلك، فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك.
وفكر الحجاج مليا ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عز وجل:
[فمن حاجك من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين] [آل عمران 3: 61].
وأن رسول الله صلى الله عليه [وآله] خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين [عليهم السلام]؟
قال الشعبي: فكأنما أهدى لقلبي سرورا، وقلت في نفسي: قد خلص يحيى. وكان الحجاج حافظا للقرآن!
فقال يحيى: والله إنها لحجة في ذلك بليغة، ولكن ليس منها أحتج لما قلت. فاصفر وجه الحجاج وأطرق مليا، ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال: إن جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة آلاف درهم، وإن لم تأت بها فأنا في حل من دمك.
قال: نعم.
قال الشعبي: فغمني قوله وقلت [في نفسي]: أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه، ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه، فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل حجته لئلا يدعي أنه قد علم ما جهله هو.
فقال يحيى: قول الله عز وجل: [ومن ذريته داود وسليمان] [الإنعام 6: 84] من عنى بذلك؟
قال الحجاج: إبراهيم.
قال: فداود وسليمان من ذريته؟
قال: نعم.
قال يحيى: ومن نص الله تعالى عليه بعد هذا أنه من ذريته؟
فقرأ الحجاج: [وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين].
قال يحيى: ومن؟
قال: [وزكريا ويحيى وعيسى].
قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم ولا أب له؟!
قال: من قبل أمه مريم.
قال يحيى: فمن أقرب، مريم من إبراهيم أم فاطمة من محمد صلى الله عليه وآله؟
وعيسى من إبراهيم أم الحسن والحسين عليهم السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله؟
قال الشعبي: فكأنما القمه حجرا.
فقال: أطلقوه قبحه الله، وادفعوا إليه عشرة آلاف درهم، لا بارك الله له فيها...
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 148 149 150 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 مقدمة التحقيق 7
3 متن الكتاب 113
4 مقدمة الطبعة الثانية 115
5 مقدمة الطبعة السابعة 129
6 مدخل الطبعة الأولى 137
7 مناقشة الدكتور أحمد أمين في تقولاته 139
8 الشيعة من الصحابة 144
9 الشيعة من التابعين 149
10 مؤسسو علم النحو من الشيعة 152
11 مؤسسو علم التفسير من الشيعة 152
12 مؤسسو علم الحديث من الشيعة 152
13 مؤسسو علم الكلام من الشيعة 153
14 مؤسسو علم السير والآثار من الشيعة 154
15 مؤرخو الشيعة 154
16 شعراء الشيعة 155
17 الملوك والامراء والوزراء والكتاب الشيعة 159
18 الحديث عن الرجعة 167
19 الجنة لمن أطاع والنار لمن عصى 168
20 فرق الغلاة المنقرضة 172
21 الحديث عن عبد الله بن سبأ 179
22 نشأة التشيع 184
23 عقائد الشيعة أصولا وفروعا 210
24 وظائف العقل 218
25 التوحيد 219
26 النبوة 220
27 الإمامة 221
28 العدل 229
29 المعاد 232
30 وظيفة القلب والجسد 232
31 تمهيد وتوطئة 233
32 الصلاة 239
33 الصوم 242
34 الزكاة 243
35 الزكاة الفطرة 244
36 الخمس 245
37 الحج 247
38 الجهاد 249
39 الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 251
40 المعاملات 252
41 عقود النكاح 253
42 نكاح المتعة 253
43 الطلاق 278
44 الخلع والمباراة 286
45 الظهار والايلاء واللعان 287
46 الفرائض والمواريث 288
47 الوقوف والهبات والصدقات 291
48 القضاء والحكم 293
49 الصيد والذباحة 296
50 ظريفة 298
51 الأطعمة والأشربة 299
52 الحدود 303
53 حد الزنا 303
54 حد اللواط والسحق 304
55 حد القذف 304
56 حد المسكر 305
57 حد المحارب 306
58 حدود مختلفة 306
59 القصاص والديات 309
60 الخاتمة 313
61 البداء 313
62 التقية 315
63 ملحقات الكتاب 321