إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ٢ - الصفحة ٣
مقيما بهرقل فحضر الحلة يوما ودخل إلى مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاووس (رحمه الله) وشكا إليه ما يجده منها وقال: أريد أن أداويها، فأحضر له أطباء الحلة وأراهم الموضع، فقالوا: هذه الثوئة فوق العرق الأكحل وعلاجها خطر ومتى قطعت خيف أن ينقطع العرق الأكحل فيموت. قال له السعيد رضي الدين (رحمه الله): أنا متوجه إلى بغداد وربما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء فاصحبني، فأصعد معه وأحضر الأطباء فقالوا كما قال أولئك، فضاق صدره فقال له السعيد: إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب وعليك الاجتهاد في الاحتراس ولا تغرر بنفسك فالله تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله. فقال له والدي: إذا كان الأمر على ذلك وقد وصلت إلى بغداد فأتوجه إلى زيارة المشهد الشريف بسر من رأى على مشرفه السلام، ثم أنحدر إلى أهلي، فحسن له ذلك فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه. قال: فلما دخلت المشهد وزرت الأئمة (عليهم السلام) نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالإمام وقضيت بعض الليل في السرداب وبقيت في المشهد إلى الخميس، ثم مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملأت إبريقا كان معي وصعدت أريد المشهد، فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم فالتقينا فرأيت شابين وأحدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف، وشيخا منقبا بيده رمح والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية (1) ملونة فوق السيف وهو متحنك بعذبته (2)، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق ووضع كعب الرمح في الأرض، ووقف الشابان عن يسار الطريق وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي، ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام فقال له صاحب الفرجية: أنت غدا تروح إلى أهلك. فقال: نعم. فقال له: تقدم حتى أبصر ما يوجعك، قال:
فكرهت ملامستهم وقلت في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول، ثم إني بعد ذلك تقدمت إليه فلزمني بيده ومدني إليه

١ - الفرجية ثوب مفرج من الإمام.
٢ - العذبة الذؤابة (الصحاح: ٤ / 1435) وفي تاج العروس: (6 / 259) العقدة الفاسدة من اللحم.
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»