الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٤٢
ولا يستبقى، وفيهم من يؤخذ منه الجزية ولا يحل قتله إلا بسبب طار غير الكفر، ومنهم من لا يجوز نكاحه بإجماع، ومنهم من يجوز نكاحه على مذهب أكثر المسلمين. فعلى هذا يجوز أن يكون هؤلاء القوم كفارا وإن لم يسر فيهم بجميع سيرة أهل الكفر لأنا قد بينا أحكام الكفار ونرجع في أن حكمهم مخالف لأحكام الكفار إلى فعله عليه السلام وسيرته فيهم على إنا لا نجد من الفساق من حكمه أن يقتل مقبلا ولا يقتل موليا ولا يجهز على جريحه إلى غير ذلك من الأحكام التي سير بها في أهل البصرة وصفين.
فإذا قيل - في جواب ذلك -: أحكام الفسق مختلفة، وفعل أمير المؤمنين عليه السلام هو الحجة في أن حكم أهل البصرة وصفين ما فعله.
قلنا: مثل ذلك حرفا بحرف، ويمكن مع تسليم أن الداعي لهؤلاء المخلفين أبو بكر أن يقال ليس في الآية دلالة على مدح الداعي ولا على إمامته لأنه يجوز أن يدعو إلى الحق والصواب من ليس عليهما فيلزم ذلك الفعل من حيث كان واجبا في نفسه لا بدعاء الداعي إليه وأبو بكر إنما دعى إلى دفع أهل الردة إلى الاسلام (1) وهذا يجب على المسلمين بلا دعاء داع والطاعة فيه طاعة الله، فمن أين أن الداعي كان على حق وصواب وليس في كون ما دعا إليه طاعة ما يدل على ذلك؟ ويمكن أيضا أن يكون قوله تعالى: (ستدعون) إنما أراد به دعاء الله تعالى لهم بإيجاب القتال عليهم لأنه إذا دلهم على وجوب قتال المرتدين ودفعهم عن بيضة الاسلام فقد دعاهم إلى القتال ووجبت عليهم الطاعة ووجب لهم الثواب إن أطاعوا، وهذا أيضا وجه تحتمله الآية.
فأما قوله: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) الآية

(1) عن أهل الاسلام، خ ل.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»