الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٨
ذلك إلى غزوات كثيرة، وقتال قوم أولي بأس شديد كمؤتة (1) وحنين (2) وتبوك (3) وغيرها فمن أين يجب أن يكون الداعي لهؤلاء غير النبي صلى الله عليه وآله مع ما ذكرناه من الحروب التي كانت بعد خيبر؟ وقوله: " إن معنى قوله تعالى: (كذلكم قال الله من قبل) إنما أراد به ما بينه في قوله:
(فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا) (4) وهو الغلط الفاحش من طريق التاريخ والرواية التي وعدنا بالتنبيه عليها لأن هذه الآية في سورة التوبة، وإنما نزلت بتبوك سنة تسع وآية الفتح نزلت سنة ست، فكيف يكون قبلها؟
وليس يجب أن يقال في القرآن بالآراء أو بما يحتمل من الوجوه في كل موضع دون الرجوع إلى تاريخ نزول الآية والأسباب التي وردت عليها وتعلقت بها.

(١) مؤتة تقدم ذكرها.
(٢) حنين: قال ياقوت في معجم البلدان ٢ / ٣١٢: يجوز أن يكون تصغير الحنان وهو الرحمة - تصغير ترخيم - ويجوز أن يكون تصغير الحن وهو حي من الجن وهو الموضع المعروف بين مكة والطائف، ويوم حنين من أيام الاسلام المشهورة، وحنين يذكر ويؤنث فإن قصدت به البلد والموضع ذكرته، وصرفته، وإن قصدت به البلدة والبقعة أنثته ولم تصرفه قال الشاعر:
نصروا نبيهم وشدوا أزره * بحنين يوم تواكل الأبطال (٣) تبوك - بالفتح ثم الضم وواو ساكنة: موضع معروف بين وادي القرى والشام، توجه إليه النبي صلى الله عليه وآله في سنة تسع للهجرة وهي آخر غزواته حين انتهى إليه تجمع الروم وعاملة ولخم وجذام فوجدهم قد تفرقوا فلم يلق كيدا ونزلوا على عين فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا أحد يمس من مائها فسبق إليها رجلان وهي تبض بشئ من ماء فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها فقال لهما صلى الله عليه وآله (ما زلتما تبوكان منذ اليوم فسميت بذلك تبوك) والبوك إدخال اليد في شئ وتحريكه، وركز صلى الله عليه وآله عنزته فيها ثلاث ركزات فجاشت ثلاث أعين فهي تهمي بالماء إلى الآن (انظر معجم البلدان ٢ / 14 مادة " تبوك ") (4) التوبة 83.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»