الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٧
فأما الوجه الأول، فواضح لأن قوله تعالى: ﴿سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا﴾ (١) إنما أراد به الذين تخلفوا عن الحديبية بشهادة جميع أهل النقل وإطباق المفسرين (٢) ثم قال تعالى: ﴿سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا﴾ (٣) وإنما التمس هؤلاء المخلفون أن يخرجوا إلى غنيمة خيبر فمنعهم الله تعالى من ذلك وأمر نبيه صلى الله عليه وآله بأن يقول لهم لن تتبعونا إلى هذه الغزوة لأن الله تعالى كان حكم من قبل بأن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية وأنه لاحظ فيها لمن لم يشهدها وهذا هو معنى قوله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) وقوله: (كذلكم قال الله من قبل) ثم قال تعالى ﴿قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون﴾ (4) وإنما أراد أن الرسول صلى الله عليه وآله سيدعوكم فيما بعد إلى قتال قوم أولي بأس شديد وقد دعاهم النبي صلى الله عليه وآله بعد

(١) الفتح ١١، ١٢.
(٢) انظر تفسير الطبري ج ٢٦ / ٤٨ و ٤٩ وتفسير الرازي ج ٢٨ / ٨٨ والكشاف ٣ / ٥٤٣ والتبيان ٩ / ٣١٩.
(٣) الفتح ١٥.
(٤) الفتح ١٦.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»