الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٤٠
من قول أهل التأويل ما يوافقه مع اختلاف الرواية عنهم. على أنا لا نرجع في كل ما يحتمله تأويل القرآن إلى أقوال المفسرين، فإنهم ربما تركوا ما يحتمله القول وجها صحيحا وكم استخرج جماعة من أهل العدل في متشابه القرآن من الوجوه الصحيحة التي ظاهر التنزيل بها أشبه، ولها أشد احتمالا ما لم يسبق إليه المفسرون ولا دخل في جملة تفسيرهم وتأويلهم.
فأما الوجه الآخر: الذي نسلم فيه أن الداعي لهؤلاء المخلفين هو غير النبي صلى الله عليه وآله فنبين أيضا لأنه لا يمتنع أن يعني بهذا الداعي أمير المؤمنين عليه السلام لأنه قد قاتل بعده أهل الجمل وصفين وأهل النهروان، وبشره النبي صلى الله عليه وآله بأنه يقاتلهم، وقد كانوا أولي بأس شديد بلا شبهة.
فأما تعلق صاحب الكتاب بقوله: (أو يسلمون) وإن الذين حاربهم أمير المؤمنين عليه السلام كانوا مسلمين، فأول ما فيه أنهم غير مسلمين عنده وعند أصحابه لأن الكبائر تخرج من الاسلام عندهم كما تخرج عن الإيمان، إذ كان الإيمان هو الاسلام على مذاهبهم (1)، ثم مذهبنا نحن في محاربي أمير المؤمنين معروف لأنهم عندنا كانوا كفارا بحربه بوجوه ونحن نذكر منها هاهنا طرفا ولاستقصائها موضع غيره.
منها: إن من حاربه كان مستحلا لقتله مظهرا لأنه في ارتكابه على حق، ونحن نعلم أن من أظهر استحلال شرب جرعة خمر فهو كافر بالاجماع، واستحلال دم المؤمن فضلا عن أكابرهم وأفاضلهم أعظم من شرب الخمر واستحلاله، فيجب أن يكونوا من هذا الوجه كفارا.

(1) الضمير للمعتزلة والقاضي أحد أقطابهم وهم مجمعون على أن صاحب الكبيرة مخلد في النار إن لم يتداركها بالتوبة.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»