الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٩
ومما يبين لك أن هؤلاء المخلفين غير أولئك لو لم يرجع في ذلك إلى نقل وتاريخ قوله في هؤلاء: ﴿فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما﴾ (١) فلم يقطع فيهم على طاعة ولا معصية، بل ذكر الوعد والوعيد على ما يفعلونه من طاعة أو معصية، وحكم المذكورين في آية التوبة بخلاف هذا لأنه تعالى قال بعد قوله:
﴿إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين * ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون * ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾ (٢) واختلاف أحكامهم وصفاتهم يدل على اختلافهم لو أن المذكورين في آية سورة الفتح غير المذكورين في آية التوبة.
فأما قوله: " لأن أهل التأويل لم يقولوا في هذه الآية غير وجهين من التأويل " ذكرهما فباطل لأن أهل التأويل قد ذكروا أشياء أخر لم يذكرها لأن ابن المسيب (٣) روى عن الضحاك في قوله تعالى: ﴿ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد﴾ (4) الآية قال: هم ثقيف. وروى هيثم عن أبي بشير عن سعيد بن جبير قال: هم هوازن يوم حنين. وروى الواقدي عن معمر عن قتادة قال: هم هوازن وثقيف (5) فكيف ذكر

(١) الفتح ١٦.
(٢) التوبة ٨٣ و ٨٤ (٣) هو أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني من المفسرين في القرن الثاني.
(٤) الفتح ١٦.
(5) انظر تفسير الطبري ج 16 / 51 / 52،
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»