مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٩
كقوله لئلا يتوهم عود الضمير إلى الفرزدق.
(سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا وتسكب) بالرفع، وهو الصحيح وبالنصب وهم (عيناي الدموع لتجمدا) جعل سكب الدموع كناية عما يلزمه فراق الأحبة من الكآبة والحزن وأصاب، لكنه أخطأ في جعل جمود العين كناية عما يوجبه دوام التلاقي من الفرح والسرور (فان الانتقال من جمود العين إلى بخلها بالدموع) حال إرادة البكاء، وهي حالة الحزن (لا إلى ما قصده من السرور) الحاصل بالملاقاة.
ومعنى البيت: انى اليوم أطيب نفسا بالبعد والفراق وأوطنها على مقاساة الأحزان والأشواق، وأتجرع غصصها وأتحمل لاجلها حزنا يفيض الدموع من عيني لا تسبب بذلك إلى وصل يدوم ومسرة لا تزول، فان الصبر مفتاح الفرج ولكل بداية نهاية، ومع كل عسر يسرا والى هذا أشار الشيخ عبد القاهر في دلائل الاعجاز.
وللقوم ههنا كلام فاسد أوردناه في الشرح.
(قيل): فصاحة الكلام خلوصه مما ذكر (ومن كثرة التكرار وتتابع الإضافات كقوله) وتسعدني في غمرة بعد غمرة (سبوح): أي فرس حسن الجري لا تتعب راكبها كأنها تجرى في الماء (لها) صفة سبوح.
(منها) حال من شواهد (عليها) متعلق بشواهد (شواهد) فاعل الظرف أعني لها يعنى ان لها من نفسها علامات دالة على نجابتها.
قيل التكرار ذكر الشئ مرة بعد أخرى ولا يخفى انه لا يحصل كثرة بذكره ثالثا.
وفيه نظر، لان المراد بالكثرة ههنا ما يقابل الوحدة ولا يخفى حصوله بذكره ثالثا.
(و) تتابع الإضافات مثل (قوله " حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي)، فأنت بمرأى من سعاد ومسمع ".
ففيه إضافة حمامة إلى جرعى وجرعي إلى حومة وحومة إلى الجندل.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»