مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٣
قوله: (يسمى ذلك) الوصف المذكور (فصاحة أيضا) كما يسمى بلاغة، فحيث يقال: أن إعجاز القرآن من جهة كونه في أعلى طبقات الفصاحة يراد بها هذا المعنى. (ولها) أي لبلاغة الكلام (طرفان: أعلى وهو حد الاعجاز) وهو ان يرتقى الكلام في بلاغته إلى أن يخرج عن طوق البشر، ويعجزهم عن معارضته.
(وما يقرب منه) عطف على قوله وهو والضمير في منه عائد إلى أعلى، يعنى ان الأعلى مع ما يقرب منه كلاهما من حد الاعجاز، هذا هو الموافق لما في المفتاح.
وزعم بعضهم انه عطف على حد الاعجاز والضمير في منه عائد إليه، يعنى ان الطرف الأعلى هو حد الاعجاز، وما يقرب من حد الاعجاز.
وفيه نظر لان القريب من حد الاعجاز لا يكون من الطرف الأعلى الذي هو حد الاعجاز وقد أوضحنا ذلك في الشرح.
(وأسفل وهو ما إذا غير) الكلام (عنه إلى ما دونه) أي إلى مرتبة أخرى هي أدنى منه وانزل (التحق) الكلام وان كان صحيح الاعراب (عند البلغاء بأصوات الحيوانات) تصدر عن محالها بحسب ما يتفق، من غير اعتبارات اللطائف والخواص الزائدة على أصل المراد (وبينهما) أي بين الطرفين (مراتب كثيرة) متفاوتة بعضها أعلى من بعض بحسب تفاوت المقامات ورعاية الاعتبارات، والبعد من أسباب الاخلال بالفصاحة (وتتبعها) أي بلاغة الكلام (وجوه اخر) سوى المطابقة.
والفصاحة (تورث الكلام حسنا) وفي قوله (تتبعها) إشارة إلى أن تحسين هذه الوجوه للكلام عرضي خارج عن حد البلاغة، والى ان هذه الوجوه انما تعد محسنة بعد رعاية المطابقة، والفصاحة وجعلها تابعة لبلاغة الكلام دون المتكلم لأنها ليست مما تجعل المتكلم متصفا بصفة.
(و) البلاغة (في المتكلم ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ فعلم) مما تقدم (ان كل بليغ) كلا ما كان أو متكلما على سبيل استعمال المشترك في معنييه، أو على تأويل كل ما يطلق عليه لفظ البليغ (فصيح) لان الفصاحة مأخوذة في تعريف
(٢٣)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 27 28 29 ... » »»