مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢١
المراد خصوصية ما، وهو مقتضى الحال، مثلا كون المخاطب منكرا للحكم حال يقتضى تأكيد الحكم، والتأكيد مقتضى الحال، وقولك له ان زيدا في الدار مؤكدا بان كلام مطابق لمقتضى الحال.
وتحقيق ذلك أنه جزئي من جزئيات ذلك الكلام، الذي يقتضيه الحال، فان الانكار مثلا يقتضى كلاما مؤكدا، وهذا مطابق له، بمعنى انه صادق عليه على عكس ما يقال: ان الكلي مطابق للجزئيات.
وان أردت تحقيق هذا الكلام فارجع إلى ما ذكرناه في الشرح في تعريف علم المعاني (وهو): أي مقتضى الحال (مختلف فان مقامات الكلام متفاوتة) لأن الاعتبار اللائق بهذا المقام يغاير الاعتبار اللائق بذاك، وهذا عين تفاوت مقتضيات الأحوال، لان التغاير بين الحال والمقام انما هو بحسب الاعتبار، وهو انه يتوهم في الحال، كونه زمانا لورود الكلام فيه وفي المقام كونه محلا له.
وفي هذا الكلام إشارة إجمالية إلى ضبط مقتضيات الأحوال وتحقيق لمقتضى الحال.
(فمقام كل من التنكير والاطلاق والتقديم والذكر يباين مقام خلافه): أي مقام خلاف كل منها يعنى ان المقام الذي يناسبه تنكير المسند إليه أو المسند، يباين المقام الذي يناسبه التعريف، ومقام اطلاق الحكم أو التعليق أو المسند إليه أو المسند أو متعلقه يباين مقام تقييده بمؤكد، أو أداة قصر أو تابع أو شرط أو مفعول أو ما يشبه ذلك، ومقام تقديم المسند إليه أو المسند أو متعلقاته، يباين مقام تأخيره، وكذا مقام ذكره يباين مقام حذفه، فقوله خلافه شامل لما ذكرناه.
وانما فصل قوله (ومقام الفصل يباين مقام الوصل) تنبيها على عظم شان هذا الباب، وانما لم يقل مقام خلافه لأنه أحصر وأظهر، لان خلاف الفصل انما هو الوصل، وللتنبيه على عظم شان الفصل قوله (ومقام الايجاز يباين مقام خلافه) أي الاطناب والمساواة (وكذا خطاب الذكي مع خطاب الغبي) فان مقام الأول يباين مقام الثاني فان الذكي يناسبه من الاعتبارات اللطيفة والمعاني الدقيقة الخفية ما لا
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 27 ... » »»