مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
الاختياري في خارجه فيجب في مثله الاحتياط كما تقدم التنبيه عليه في مبحث التيمم وفي غير مورد من كتاب الصلاة بل الأحوط في المقام الكفارة أيضا ولكن الأقوى عدم وجوبها لكونها تكليفا مغايرا لما علمه بالاجمال فينفي وجوبها بالأصل ولتمام الكلام فيما يتوجه عليه من النقض والابرام مقام اخر وهل يلحق بالجنابة الحيض المشهور نعم بل عن المقاصد العلية نفى الخلاف فيه ويدل عليه خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن طهرت بليل من حيضتها ثم توانت ان تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم خلافا المحكى عن النهاية والأردبيلي وصاحب المدارك استضعافا للخبر وفيه ان ضعفه لو كان فهو مجبور بالشهرة وربما علل الابطال بأن الحيض أشد تأثيرا فيه من الجنابة ضرورة بطلان الصوم بمفاجأته قهرا فليس الا للمنافاة بينه وبين الصوم فالبقاء متعمدا حتى الصبح مبطل للصوم وفيه ما لا يخفى فان ما هو أشد تأثيرا من الجنابة هو نفس الحيض واما انه يبقى منه بعد ارتفاعه اثر مانع عن الصوم كالصلاة فهو موقوف على دلالة الدليل عليه فمن الجائز كون بطلان الصوم كحرمة الوطي اثار نفس الحيض لا اثره المانع عن الصلاة الموقوف رفعه على الاغتسال ثم إن النفساء بحكم الحايض بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الوفاق عليه ويظهر وجهه مما حرزناه في محله من اتحادهما حكما بل موضوعا فراجع واما المستحاضة فقد تقدم الكلام في اشتراط صومها بالغسل مفصلا في كتاب الطهارة وعرفت فيما تقدم ان مدركه منحصر بمضمرة ابن مهزيار التي يتطرق إليها جهات من الاشكال على وجه لا يمكن استكشاف ما أريد منها من ظاهرها فلا يصح الاعتماد عليها في اثبات الاشتراط ولكنه على اجماله مظنة الاجماع فيشكل حينئذ الجزم بعدمه ولذا توقف فيه غير واحد من المتأخرين كبعض القدماء على ما حكى عنهم وهو في محله وعلى تقدير التسليم فهل يتوقف على الأغسال النهارية خاصة أو هي مع الليلة السابقة خاصة أو مع اللاحقة خاصة أو الليلتين أو الفجر خاصة وجوه أوجهها الأول والمدار على ايجاد الأغسال في وقتها الذي وجب الاتيان بها فيه لولا وجوب الصوم فلا يجب تقديم غسل الغداة على الفجر بل لا يجوز مع فصل يعتد به بينه وبين الصلاة نعم الأحوط عند حدوث سببه من الليل ايقاع غسل الغداة آخر الليل مقارنا لطلوع الفجر والاتيان بصلاة الغداة في أول وقتها بحيث لم يتحقق بينهما فصل يعتد به بأكثر من نافلتها أو الجمع بين غسل في اخر الليل لاستباحة الصوم من باب الاحتياط وغسل اخر لصلاتها وقد تقدم تفصيل ذلك كله في المبحث المشار إليه فراجع ولو أجنب في الليل فنام غيرنا وللغسل فطلع الفجر فسد الصوم كما عن الفاضل وغيره بل عن ظاهر المنتهى دعوى الاجماع عليه وفي المدارك في شرح العبارة قال ما لفظه الفرق بين هذه المسألة وبين تعمد البقاء على الجنابة فرق ما بين العام والخاص فان تعمدا البقاء عزم على عدم الغسل وعدم نية الغسل أعم من العزم على عدمه لتحققه مع الذهول عن الغسل وقد قطع المصنف وغيره بأن من نام حتى أصبح على هذا الوجه لزمه القضاء واستدل عليه بأن مع العزم على ترك الاغتسال يسقط اعتبار النوم يعود كالمتعمد للبقاء على الجنابة وهو غير جيد لأن عدم نية الغسل أعم من العزم على ترك الاغتسال انتهى وقد تبع فيما ذكره فارقا بين المسئلتين جده في المسالك وهو ليس بجيد بل الفرق بين المسئلتين هو ان المقصود بذكر هذا الفرع التنبيه على أن النوم الغير المسبوق بالعزم على الغسل بحكم البقاء مستيقظا كذلك إلى أن طلع الفجر فلا فرق حينئذ بين العزم على ترك الاغتسال أو ترك العزم على الاغتسال في اتصاف الترك بكونه اختياريا وكونه مندرجا في موضوع البقاء على الجنابة عمدا حقيقة لو بقي مستيقظا كذلك فطلع الفجر وحكما لو نام إلى أن طلع الفجر فان مع عدم العزم على الاغتسال يسقط اعتبار النوم بمعنى انه لا يؤثر في اتصاف ترك الغسل أي البقاء على الجنابة اضطراريا كما نبه عليه المصنف (ره) في عبارته المتقدمة المحكية عن معتبره وما اعترضه عليه غير واحد ممن تأخر عنه بأن هذا الدليل أخص من مدعاه غير متوجه عليه فان ما يسقط اعتبار النوم هو عدم العزم على الاغتسال لا العزم على عدمه فتعبير المصنف (ره) اما من باب التمثيل بملاحظة ان الحكم مع العزم على الترك أوضح أو انه من باب التوسع بإرادة الترك الاختياري من قوله مع العزم على ترك الاغتسال لا خصوص الترك المسبوق بالعزم عليه كما أنه بهذا المعنى يصح ان يفسر تعمد البقاء على الجنابة بالعزم على عدم الغسل كما في عبارة المدارك والا فمن الواضح ان المراد بتعمد البقاء في هذا المبحث هو ترك الغسل اختيارا ولا يتوقف ذلك على العزم على ترك الغسل بل على عدم إرادة فعله ولا ملازمة بينهما لأن العزم على الترك لا بد أن يكون من سبب فربما لا يكون في نفسه ما يقتضيه ولكنه لا داعى له إلى فعله بمعنى ان غاياته التي يتصورها كتوقف الصوم عليه ونحوه لا تبعثه على إرادة فعله فلا يحصل له العزم عليه ولكن يجوز ان يشتد شوقه إلى تحصيلها فيفعله فهو بالفعل ليس بعازم للفعل ولا للترك ولا يصدق عليه اسم المتردد أيضا إذ التردد انما يصدق فيما لو حصلت المعارضة بين دواعي الفعل و دواعي الترك فيتحير في الترجيح ويحتمل أن يكون عدوله عن التعبير بعدم العزم على الغسل إلى التعبير بالعزم على تركه للتنبيه على خروج الغافل والناسي عن موضوع الكلام في هذا المقام فان عدم نية الغسل قد يجامع الغفلة والنسيان ومعه أيضا وإن كان يسقط اعتبار النوم إذ مع الغفلة والنسيان لا يتفاوت الحال بين ان ينام أو يبقى مستيقظا في خروج ترك الغسل الموجب لبقائه جنبا اختياريا له ولكن هذا الفرض يندرج في موضوع المسألة الباحثة عن حكم الناسي أو الجاهل بالحكم أو الموضوع والمفروض في المقام ما كان الترك لا من حيث الغفلة والنسيان بل من حيث النوم بحيث لولا النوم لكان داخلا في موضوع متعمد البقاء حقيقة ومن هنا يظهر صحة الاستدلال عليه بما ذكره المصنف (ره) من أن مع العزم على ترك الاغتسال يسقط اعتبار النوم الخ ولكن بابدال قوله مع العزم على ترك الاغتسال بعدم العزم على الاغتسال فإنه بحكم من بقي مستيقظا كذلك إلى أن فاجأه الصح في صدق كونه باقيا على الجنابة عمدا فيدل حينئذ على فساد صومه كلما دل عليه في العامد حتى مثل صحيحتي الحلبي وأحمد بن محمد الواردتين فيمن أجنب ثم نام متعمدا حتى أصبح فان مناط الحكم تركه للغسل اختيارا الذي هو ملازم للنوم إلى الصبح متعمدا فضلا عن مثل رواية سليمان بن حفص المروى عن الفقيه عليه السلام قال إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل ولا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم ولا يدرك فضل يومه ورواية إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال سئلته عن احتلام الصائم قال فقال إذا احتلم نهارا في
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»