مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤١١
وهذا لا ينفى أحقيتها بمقدار الكفن مما تركت فان وفى الزوج بهذا الحق الثابت عليه بقيت التركة بأسرها سليمه للورثة والا فعليهم التكفين من تركتها وان شئت قلت لا مقتضى لتخصيص قوله (ع) في رواية السكوني الآتية أول شئ يبدء به من المال الكفن ثم الدين الحديث بالنسبة إلى الزوجة فان ما دل على أن كفنها على زوجها لا يقتضى الا تقييده بالنسبة إليها بما إذا لم ينفق زوجها كما أنه في حق غيرها أيضا مقيد بعدم بذل الغير ضرورة انه لو اتجر بكفنه بعض اخوانه لا يبدء به من المال لهذا القيد مأخوذ في موضوع الحكم لا محالة ولا يلزم من شموله للزوجة تصرف اخر كما لا يخفى ومما ذكرناه ظهر لك انه لا مجال لتشكيك في عدم جواز دفنها عارية حتى في صورة يسار الزوج وامتناعه عصيانا نعم للورثة استيفاء هذا لحق والرجوع عليه بمقدار الواجب ما لم يقصد والتبرع بذلك وهل لهم ذلك في صورة الاعسار أيضا إذا تجدد له اليسار بعد الدفن فيه وجهان أظهرها ذلك بناء على كونه من النفقة الواجبة كما ليس بالبعيد ولا يقاس ذلك بما لو دفنت عارية حيث أنكرنا فيه استحقاقهم لذلك كما لا يخفى وكيف كان فيتفرع على ما عرفت انه لو مات الزوج بعدها ولم يخلف شيئا وخلقت المرأة كفنا فهي أحق به ولا ينتقل إلى الزوج ولا إلى غيره من الورثة كي يتمشى احتمال اختصاص الزوج بعد انتقاله إليه لكون كفنه مقدما على حقوق الغير التي منها كفن زوجته كما ستعرفه نعم لو خلقت تركة يفي نصيب الزوج منها بكفنه وكفنها ولم يكن على الزوج دين يزاحم كفن زوجته على تقدير انتقال نصيبه إليه من التركة لمكان المتجه احتساب كفنها من نصيبه كما أن المتجه ذلك لو انتقل إليه نصيبه حال حياته وصار سببا ليساره وان قلنا بأنه لا يثبت لها حق على الزوج المعسر وتوهم ان اعساره حال موتها مانع من ثبوت حق لها عليه على هذا القول فلا يتجدد لها ذلك بموته أو يساره * (مدفوع) * بان ما دل على مانعية الاعتسار من حقها لا يدل الا على منعه من لزوم كفنها عليه ما دام معسر أو محتاجا إلى الأموال المستثناة له فليس كفن الزوجة من هذه الجهة الا كساير الحقوق المالية المتعلقة بذمة المستتبعة ليساره أو ما هو بمنزلته من موته فيكفي فيه يساره في الجملة قبل تعذر التكفين كما لا يخفى على من لاحظ دليله * (ثم) * انه لو مات الزوج بعدها ولم يخلف الا كفنا واحدا اختص به دونها لما ستعرف من أن الميت أحق بتركته بمقدار كفنه من غيره ولا يزاحمه حقوق الغير التي منها كفن زوجته وسبق حقها لا يجدي في استحقاقها له كساير الحقوق السابقة بل قد يقال إن الأقوى ذلك أيضا لو فرض موته بعد وضع الكفن عليها بل بعد دفنها أيضا لو أمكن نزعه منها على وجه مشروع لا يستلزم هتكها إذ الظاهر المعتضد بالأصل عدم خروجه بمجرد وضعه عليها من ملكه بحيث لو فقد الميت أو اكله السبع انتقل إلى وراثه أو صار مجهول المالك إذ لا يجب على الزوج على الظاهر الا كسوتها بالكفن وامتاعها إياه لا تمليكها لكنه لا يخلو عن تأمل واما كفن ساير واجبي النفقة ما عدا الزوجة فقد عرفت انفا ان وجوبه عليه ما لم يخلف الميت شيئا لا يخلو من وجه وان صرح غير واحد بخلافه بل استظهر بعضهم عدم الخلاف فيه وكيف كان فهذا فيما عدا المملوك واما المملوك فلا خلاف ظاهرا في أن كفنه على موليه بل عن غير واحد من الأصحاب دعوى الاجماع عليه ويؤيده الاعتبار بل ينبغي القطع بذلك ولو مع قطع النظر عن الاجماع واستصحاب وجوب الانفاق إذ لا يكاد يشك في أن الشارع لم يرض بدفنه بلا كفن ولم يكلف بذلك من عدا سيده الذي جميع فوايده كانت عايدة إليه حال حياته بل لا يبعد جزم العقل باستحالة ان يجعل الشارع جميع منافعه لموليه ولم يجعل مصارفه عليه من دون فرق بين حيه وميته ولذا لا ينبغي الارتياب في أنه يجب عليه ما في مؤن التجهيز كثمن السدر والكافور وهل يجب ذلك على الزوج أيضا كما عن تصريح جماعة بل في الجواهر لا أجد فيه خلافا الظاهر ذلك لا لأجل التعليل باستصحاب وجوب الانفاق الذي على تقدير تمامية أخص من المدعى بل لأجل ان كون المورد كذلك ولو في الجملة يوجب انس الذهن واستفادته من حكم الشارع بان كفن المرأة على زوجها حيث يتبادر إلى الذهن إرادة ما يعم مؤنة التجهيز كما يشهد بذلك فهم الأصحاب فلو لم يكن ما عدا الكفن واجبا عليه لكان التنبيه عليه في مثل المقام لازما كي لا يقع المخاطب في الشبهة فليتأمل ولافرق في المملوك بين اقسامه نعم لو تحرر من المكاتب كان على المولى ومن تركته بالنسبة ولو لم يخلف تركة وقصرها ثبت على المولى بالنسبة عن الوفاء بستر عورته ولم يتبرع متبرع بتكميله مثلا فالظاهر سقوطه عن المولى لعدم الفائدة فيما ثبت عليه والأصل براءة ذمته عما زاد والله العالم ولو كانت الأمة مزوجة فالظاهر أن كفنها على زوجها دون سيدها كما نبهنا عليه في صدر المبحث الظهور قوله (ع) كفن المرأة على زوجها في الاطلاق وقصور ما دل على أن كفنها على سيدها عن شمول مثل الفرض كما لا يخفى ويؤخذ كفن الرجل بل مطلق الميت عدا من عرفت من أصل تركته كما يدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال ثمن الكفن من جميع المال مقدما على الديون والوصايا والإرث اجماعا ما عن جماعة نقله بل في طهارة شيخنا المرتضى ره كما عن المعتبر والتذكرة بلا خلاف فيه بين المسلمين الامن شذ من الجمهور لكن مع وصف الكفن بالواجب ويدل عليه مضافا إلى ذلك رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال أول شئ يبدء به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث وروى نحوها عن الدعائم عن أمير المؤمنين عليه السلام وصحيحة زرارة قال سئلته عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا ان يتجر عليه بعض الناس فيكفنونه ويقضى ما عليه مما ترك وقضية تقدم الكفن على الدين مطلقا كما يقتضيه اطلاق الاخبار وكلام الأصحاب في فتاويهم و معاقد اجماعاتهم المحكية عدم مزاحمة حق المرتهن وغرماء المفلس له وان تعلق حقهم بالعين فان حكم الشارع بتقدم الكفن على الدين ينفى
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»