مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٨٨
العلا عن محمد بن مسلم قال قال إن صاحب القرحة التي لا يستطيع ربطها ولا حبس دمها يصلى ولا يغسل ثوبه في اليوم أكثر من مرة دلت المضمرة الأولى بمقتضى تعليلها على أن الوجه في عدم وجوب غسل الثوب أزيد من المرة هو المشقة الناشئة من استمرار الجريان المحوج إلى الغسل كل ساعة والثانية بمفهوم قيدها على اعتبار الامرين * (وفيه) * مع قصور الروايتين بالاضمار ضعف دلالتهما على المفهوم خصوصا الثانية منهما التي لو أريد بها المفهوم لدلت على اشتراط عدم القدرة على ربط الجرح وحبس دمه مع أنه غير معتبر جزما لعدم امكان تنزيل الأخبار المتقدمة على خصوص هذه الصورة وقد حكى عن الشيخ ودعوى الاجماع على عدم وجوب عصب الجرح وتقليل الدم فلا يصح استناد القائلين باعتبار السيلان بهذه الرواية مع عدم التزامهم بوجوب ربط الجرح وحبس دمه واما الرواية الأولى فسوقها يشهد بان ما فيها من التعليل لبيان حكمة الحكم تقريبا إلى الذهن لا لبيان ما هو مناط الحكم وجودا وعدما مع أنه لو كان تعليلا حقيقيا لدل على وجوب تطهير الثوب مع التمكن منه سواء كان الدم سائلا متعذرا ازالته عن البدن أم لا وهذا بحسب الظاهر خلاف المشهور فإنهم لا يوجبون ذلك بل ولا غسله في كل يوم مرة مع كونه ميسورا له ومصرحا به في الرواية وقد حملوه على الاستحباب ومن هنا قد يقال إن قضية التعليل كون مطلوبية غسله أزيد من المرة على تقدير كونه ميسورا على نحو مطلوبيته في اليوم مرة فلا يدل على الوجوب وعلى تقدير تسليم كونه تعليلا حقيقيا دالا على وجوب الغسل مع الاستطاعة فمقتضاه إناطة العفو عن الدم الواصل إلى الثوب بالمشقة الحاصلة من الالتزام بغسله أو تبديله الذي هو بمنزلة الغسل في أوقات الصلاة التي هي الساعات التي يحتاج فيها إلى تطهير ثوبه سواء كان الجرح دائم السيلان أم لا فيكفي في تحقق هذا المناط كونه بحيث يخرج منه الدم دفعات على وجه يحوجه إلى تطهير ثوبه عند كل صلاة فلا يدل على اشتراط دوام السيلان بل يدل على عدمه * (هذا) * كله مع أن المراد بعدم استطاعته من الغسل في كل ساعة على الظاهر كونه شاقا عليه في العرف والعادة لا كونه غير مقدور له أو كونه تكليفا حرجيا على وجه ينافيه أدلة ففي الحرج إذ الغالب عدم كون الالتزام بتطهير مكان من الثوب أو تبديله في أوقات الصلاة بهذا المرتبة من المشقة ولذا لو اصابته نجاسة خارجية كذلك لا نقول بالعفو عنها ولا ضير في الالتزام باعتبار المشقة العرفية إذ لا ينافيه شئ من اخبار الباب فالقول به لا يخلو من وجه وكيف كان فالأقوى عدم اعتبار شئ من القيدين لكن هذا على تقدير ان يكون المراد بهما السيلان الفعلي والمشقة الرافعة للتكليف والا فالأظهر اشتراط كون القروح والجروح رامية بالمعنى الذي تقدمت الإشارة إليه بان يكون لها استعداد السيلان على وجه يتكرر منها خروج الدم لأن هذا هو المفروض في مورد الروايات كما أن المشقة العرفية أيضا مما لا تتخلف غالبا عن مواردها فلا يفهم منها العفو عن دم قروح أو جروح يكون خروج الدم منها اتفاقيا لا عن مادة مقتضية له * (نعم) * ربما نلتزم بالعفو في مثل هذه الموارد أيضا خصوصا في الجروح اللازمة التي يطول برئها مما يكون في تطهيرها مشقة لا تتحمل في العادة أو مظنة الضرر بل خوفه لا لأجل هذه الأخبار بل لغيرها من القواعد الشرعية وكيف كان فمتى تحقق مناط العفو فيها نحن فيه دون سائر الموارد التي نقول به لأدلة نفى الحرج ونحوها ثبت العفو عنه مطلقا في الثوب والبدن ما لم يكن على وجه عد أجنبيا كما لو أصاب دم القرحة التي في رجله رأسه أو عمامته ولا يجب عليه تخفيف الدم وازالته عن البعض أو تبديل الثوب وغسله وان تيسر له ذلك لاطلاقات الأخبار المتقدمة التي جعل فيها البرء غاية لغسل الثوب التي كادت تكون صريحة في المدعى حيث إن الغالب حصول التمكن من غسل الثوب أو تبديله قبل البرء ولو مرة واحدة وقد سمعت تصريح الإمام (ع) في خبر أبي بصير باني لست اغسل ثوبي حتى تبرء مع أنه (ع) بحسب الظاهر كان متمكنا من تبديل ثوبه أو غسله ولو في الجملة نعم يستحب غسل الثوب في كل يوم مرة كما عن جماعة التصريح به لمضمرتين المتقدمتين وظاهرهما وان كان الوجوب لكن مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار المتقدمة الابية عن هذا النحو من التقييد حملهما على الاستحباب هذا مع ما فيهما من الضعف والمخالفة للمشهود بل لم ينقل القول به صريحا عن أحد * (نعم) * يظهر من الحدايق الميل إليه وفيه مالا يخفى ولو أصاب هذا الدم نجاسة أخرى فلا عفو على الظاهر كما عن بعض التصريح به ووجهه ظاهر ولو اصابه جسم طاهر من ماء ونحوه فتنجس به فالظاهر تبعيته له في العفو ما لم ينفصل عنه خصوصا إذا كان من قبيل الفضلات التي لا تنفك عن الجرح غالبا كالقيح والعرق أو الأجسام التي يتداوى بها والله العالم وعفى أيضا عما دون الدرهم وقيده بعضهم بالوافي واخر بالبغلي ولعلهما بمعنى كما ستعرف سعة لا وزنا من الدم المسفوح الذي ليس أحد الدماء الثلاثة الحيض والاستحاضة والنفاس في الثوب والبدن بلا خلاف فيه على الظاهر بل اجماعا كما عن جمع من الأصحاب دعواه بالنسبة إلى الثوب وعن جملة منهم ادعائه صريحا وظاهرا في البدن أيضا وعن غير واحد دعوى الاجماع على العفو عن هذا المقدار من الدم على الاطلاق من غير تعرض لذكر المتعلق وظاهره إرادة العفو عن الثوب والبدن وكيف كان فالظاهر عدم الخلاف في مشاركة البدن مع الثوب في العفو وان كان ربما يشعر بذلك تخصيص بعضهم الثوب بالذكر في فتواه ومعقد اجماعه المحكى ولكنه على الظاهر لم يقصد الاختصاص كما يشهد بذلك عدم نقل خلاف في المسألة * (نعم) * ربما استظهر من العماني الخلاف في أصل المسألة
(٥٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 593 ... » »»