مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٩٣
الاستحاضة فإن لم يتحقق فيه اجماع فلا يخلو الحاقه بها عن تردد والله العالم وحكى عن بعض القدماء وغير واحد من المتأخرين الحاق دم الكلب والخنزير بل مطلق نجس العين أعم منهما ومن الكافر كما هو صريح عبارة المتأخرين بدم الحيض قال المصنف في محكى المعتبر بعد عبارته المتقدمة في توجيه ما نسبه إلى الشيخ والحق بعض فقهاء قم دم الكلب والخنزير ولم يعطنا العلة ولعله نظر إلى ملاقاته جسدهما ونجاسة جسدهما غير معفو عنها انتهى واشتهر حكاية هذا القول عن القطب الراوندي قال الحلي في السرائر وقد ذكر بعض أصحابنا المتأخرين من الأعاجم و هو الراوندي المكنى بالقطب ان دم الكلب والخنزير لا يجوز الصلاة في قليله وكثيره مثل دم الحيض قال لأنه دم نجس العين وهذا خطاء عظيم وزلل فاحش لأن هذا هدم وخرق لاجماع أصحابنا انتهى وعمدة مستند القول بالالحاق ماسة؟ عليه المصنف وفى عبارته المتقدمة من اكتسابه بالملاقاة نجاسته عرضية غير معفو عنها * (وفيه) * ان اكتساب دم الكلب أو أحد أخويه بنجاسة عرضية بملاقاة؟ اجزائه مع مشاركته لها في الجهة المقتضية لنجاستها وهى كونه جزء من الكلب ونحوه غير معقول لأن الاجزاء نجاستها من هذه الجهة متماثلة فلا يعقل ان ينفعل أحد المتماثلين بملاقاة الاخر * (نعم) * لو كان للجزء الذي لاقاه جهة أخرى مخصوصة به مقتضية لنجاسته أيضا من تلك الجهة كما لو لاقى بوله أو منيه وكانت الجهة المخصوصة بالبول أو المني مؤثرة في اشتداد نجاسته أو تضاعفها أمكن انفعال الدم واكتسابه الصفة المخصوصة به بملاقاته له وهذا بخلاف ما لو لاقى لحمه الذي ليس له جهة مقتضية لنجاسته الا وكان الدم واجدا لها بالذات وثبوت العفو عن الدم في الجملة بدليل تعبدي لا يصحح قبوله للانفعال بملاقاة ما هو مثله في النجاسة فملاقاة دم الكلب لسائر اجزائه التي ليس لها جهة مقتضية لنجاستها عدا جزئيتها للكلب ليست الا كملاقاة الدم القليل الذي أصاب الثوب للدم الكثير الذي انفصل عنه وهكذا الكلام في دم الميتة فان الحمار الميت مثلا ان كان دمه قابلا لأن يعرضه نجاسة أخرى غير نجاسته الذاتية انفعل بنفس الموت الذي هو سبب لانفعال اجزاء الميت التي منها دمه والا فلا يعقل ان يكتسب النجاسة من ساير الاجزاء إذ لا مزية لها عليه حتى تكون واسطة في العروض والحاصل ان اكتساب دم نجس العين نجاسة عرضية مما لاقاه مع مشاركتهما في الجهة الموجبة للنجاسة غير معقول * (ان قلت) * سلمنا ان دم نجس العين لا يكتسب نجاسة عرضية بملاقاة سائر جسده لكن تصادق عليه عنوانان من النجاسة أحدهما كونه جزء من نجس العين كسائر اجزائه والاخر كونه دما واختار العفو انما دلت على العفو عنه من حيث كونه دما لا من حيث كونه جزء من كلب أو كافر فوجوب ازالته من هذه الجهة لا ينافي ثبوت العفو عنه من حيث كونه دما كما أنه لا منافاة بين ثبوت العفو عن دم من حيث كونه دما ووجوب ازالته من حيث ملاقاته للبول وكون العنوانين متلازمين في الوجود بالنسبة إلى الفرد الذي تصادقا على لا يصلح مانعا من كون حيثية كونه دما مرعية في موضوع الحكم المستلزم لعدم العفو عنه من الحيثية الأخرى الا ان يتعلق نص خاص بهذا الفرد بان يرد مثلا ان دم الكلب لا بأس بالصلاة فيه فلا يمكن في مثل الفرض تنزيل مثل هذا النص على إرادة بيان الحكم من حيث كونه دما لاستلزامه لغوية الحكم وهذا بخلاف الأخبار العامة المتعلقة بطبيعة الدم التي تحقق غالبا في ضمن غير هذا الفرد كما هو واضح * (قلت) * لا يخفى على المتأمل في اخبار العفو انها ليست مسوقة لبيان قضية طبيعية نظير قولنا الغنم حلال والخنزير حرام حتى يكون موضوعها صرف الطبيعة من حيث هي مع قطع النظر عن عوارضها المشخصة بحيث لا ينافيها خروج بعض الافراد بواسطة تلك العوارض بل هي مسوقة لبيان الحكم الفعلي الثابت لمصاديق الدم وجزئياته المتحققة في الخارج و * (كيف) * لا مع أن رواية أبي بصير التي استثنى فيها دم الحيض ظاهرها إرادة العموم وكذا أغلب الأخبار المتقدمة الدالة على العفو صدرت جوابا عن السؤال عن حكم من رأى بثوبه دما فكيف يجوز في مثل الفرض تنزيل اطلاق الجواب من غير استفصال على إرادة بيان حكم الطبيعة من حيث هي دون افرادها مع أن السائل انما سئل عن حكم الدم الخارجي الذي أصاب الثوب لا عن الحكم المتعلق بطبيعة الدم من حيث هي والحاصل انه لا مجال للارتياب في أن الاخبار مسوقة لبيان حكم افراد الدم وجزئياته المتحققة في الخارج وكونه دم كلب أو كافر ككونه دم رجل أو امرأة أو فرس أو غير ذلك انما هو من مشخصات الفرد غير خارج من حقيقته فاخبار الباب بظاهرها تعم دم الكلب والكافر أيضا كغيرهما من أنواع الدم فلو دل دليل على عدم العفو عن دم الكافر مثلا لكان ذلك الدليل مخصصا لهذه الاخبار لا انه غير مناف لها من أصله كما توهم فتلخص ان اخبار بظاهرها تعم دم نجس العين و [ح] نقول لا مقتضى لصرفها عن هذا الظاهر إذ لا دليل على عدم جواز الصلاة في دم الكافر وشبهه بل ولا في سائر اجزائه عدا العمومات الدالة على إزالة الدم وغيره من النجاسات المخصصة باخبار العفو كما لا يخفى على المتأمل فالأظهر عدم الفرق بين دم نجس العين وغيره نعم ربما يشكل الامر في دم الكلب والخنزير لا من حيث نجاسته بل من حيث كونه من فضلات والا يحل اكله وسيأتي الكلام فيه من هذه الجهة واستدل في الحدائق لا لحاق دم نجس العين بدم الحيض بعمومات الإزالة بعد منع شمول اخبار العفو له بدعوى ندرة ابتلاء المصلى بدم نجس العين فيصرف عنه اطلاقات الاخبار حيث إن المتبادر منها إرادة الافراد الشايعة وهى دم المسلم وغيره من الحيوانات التي يتعارف ذبحها وفيه مالا يخفى فان مقتضاه عدم العفو عن دم أغلب الحيوانات التي يحل اكلها فضلا عن غيره بل عدم العفو عن دم ما يتعارف ذبحه أيضا الا عن خصوص القسم الذي يتعارف
(٥٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 ... » »»