مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٨٣
في النصوص والفتاوى لا يكاد يرتاب في عدم مدخلية خصوصية الثوب في الحكم وكون المناط كون ما تلبس به في صلاته طاهرا وان كان قطنا أو صوفا غير منسوج ملفوفا على جسده كما يشهد لذلك المستفيضة الآتية النافية للبأس عن الصلاة فيما لا تتم الصلاة فيه كالخف والجورب والتكة والقلنسوة والكمرة والنعل وما أشبه ذلك وقد عد الأصحاب منها الخاتم والدملج والخلخال والسيف والسكين فإنه يستفاد من تلك الأخبار كون ذلك من قبيل الاستثناء من كلية المنع من الصلاة في النجس حيث يظهر منها ان وجه نفى البأس عن مثل هذه الأمور كونها مما لا تتم الصلاة فيها وحدها والا لكان مقتضى المنع فيها موجودا مع عدم كون مثل هذه الأشياء خصوصا ما عده الأصحاب منها مندرجا في مسمى الثوب عرفا و * (يؤيده) * بل يدل عليه قوله (ع) في رواية أبي بصير المتقدمة الواردة في الحديد لا تصل في شئ من الحديد فإنه نجس ممسوخ فإنها تدل على عدم جواز الصلاة في النجس وان مناط المنع هو صدق الصلاة في النجس ولا ينافيه ما عرفته في ما تقدم من كون النهى في الرواية محمولا على التنزيه وكون المراد بالنجاسة مرتبة من الخباثة التي لا تبلغ حدا يجب التنزه عنه فان ظاهرها سببية نجاسة الشئ للنهي عن الصلاة فيه مطلقا لكن لما ثبت بدليل خارجي عدم بلوغ نجاسة الحديد حدا يجب التجنب عنه فهم من ذلك جواز مخالفة النهى في خصوص المورد فليتأمل والحاصل ان مناط المنع بحسب الظاهر صدق الصلاة في النجس بإرادة التلبس به لا الظرفية الحقيقية ومن هنا قد يتخيل مانعية الثوب الملفوف الكائن مع المصلى وعدم جواز حمل النجس في الصلاة لصحة اطلاق الصلاة في النجس في الفرض كما يشهد بذلك التتبع في موارد استعمال هذه الكلمة في الاخبار مثل قوله (ع) في موثقة ابن بكير الواردة في باب لباس المصلي فالصلاة في بوله وروثه وألبانه [الخ] وقوله (ع) في خبر اخر لا تصل في منديل غيرك وصل في منديلك وغير ذلك * (ويدفعه) * ان الاستعمال مبنى على التوسعة والتجوز والمتبادر من الصلاة في الشئ اما إرادة كون الشئ مكانا للمصلى أو إرادة ما تلبس به لا مطلق ما يصاحبه فلا يمكن استفادة حكم المحمول مما دل على المنع من الصلاة في النجس مع أنه ليس لنا اطلاق لفظي سالم من المناقشة فيه يدل على هذا المضمون فان اظهر ما يدل عليه على الاطلاق انما هو رواية أبي بصير المتقدمة التي لا يخلو الاستدلال بها للمدعى عن تأمل وربما يستدل للمنع من حمل النجس برواية قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سئلته عن الرجل يمر بالمكان فيه العذرة فتهب الريح فتسفى فتصيب ثوبه ورأسه أيصلي فيه قبل ان يغسله قال نعم ينفضه و يصلى فلا باس فإنها ظاهرة في وجوب النفض وفيه انها مسوقة لنفى وجوب الغسل والامر بالنفض جار مجرى العادة فلا يستفاد منه الوجوب وعلى تقدير تسليم الدلالة فلا يستفاد منه المنع من حمل المتنجس الا بضميمة عدم القول بالفصل ولم يتحقق واستدل له أيضا بمفهوم صحيحة عبد الله بن جعفر قال كتبت إليه يعنى أبا محمد (ع) هل يجوز للرجل ان يصلى ومعه فارة مسك قال لا بأس بذلك إذا كان ذكيا وصحيحة علي بن جعفر عليه السلام سئل أخاه عن الرجل يصلى ومعه دبة من جلد حمار أو بغل قال لا يصلح ان يصلى وهى معه الا ان يتخوف عليها ذهابها فلا بأس وفى الاستدلال بالصحيحة الأخيرة مالا يخفى فإنها مع ظهورها في الكراهة ليس فيها اشعار بإرادة جلد الميتة بل المتبادر من السؤال فيها ليس الا إرادة حكمها بلحاظ كونها من جلد الحمار أو البغل الذين لم يزل الرواة كانوا يسئلون عن بولهما وروثهما وقد ورد النهى عن الصلاة فيهما في جملة من الاخبار كما عرفته في محله فيدل هذه الصحيحة على أن جلدهما أيضا كبولهما مما لا تصلح الصلاة فيه ولكن في طهارة شيخنا المرتضى ارسل الرواية من غير ذكر المروى عنه هكذا عن الرجل يصلى ومعه دبة من جلد حمار ميت قال لا يصلح ان يصلى وهى معه وقد رواها بعض المعاصرين أيضا في طهارته عن علي بن جعفر (ع) بهذا المتن فلعله رواية أخرى لم اظفر بها * (وكيف) * كان فليس لها ظهور في الحرمة مع غلبة الظن بكونها هي الصحيحة المتقدمة الخالية من التقييد واما الاستدلال بمفهوم الصحيحة الأولى فهو أيضا لا يخلو عن اشكال وعلى تقدير التسليم فاثبات عموم المدعى بها مبنى على عدم القول بالفصل بين الميتة وغيرها وستعرف في مبحث مالا يتم الصلاة فيه منفردا امكان الالتزام بمانعية الميتة مطلقا ولو في مثل الخف وقلادة السيف ونحوهما مما لا تتم الصلاة فيه وحده واستدل له أيضا بمفهوم ما دل على جواز الصلاة في خرقة الحناء إذا كانت طاهرة وفيه ان خرقة الحناء ونحوها على الظاهر مندرجة في الثياب بمعناها الأعم التي استفدنا من الأدلة اشتراط طهارتها في الصلاة إذا كانت مما تتم؟ فيها الصلاة وان لم تكن كذلك فتدل على نفى البأس عنها الاخبار الآتية الظاهرة في شمولها لمثلها ولا تصلح مفهوم هذه الرواية لمعارضتها ويحتمل قويا ان يكون ثبوت البأس على تقدير النجاسة بلحاظ سرايتها غالبا إلى البدن وقد ظهر لك بما ذكرنا ضعف الاستدلال للمدعى بمفهوم رواية وهب بن وهب السيف بمنزلة الرداء تصلى ما لم تر فيه دما لعدم صلاحيتها لمعارضة الاخبار الآتية الدالة على نفى البأس عن مثله مضافا إلى ما في الرواية من ضعف السند * (فالقول) * بنفي البأس عن حمل النجس مطلقا كما لعله المشهور لا يخلو عن قوة وان كان الأحوط الاجتناب عنه مطلقا خصوصا إذا كان المحمول من أعيان النجاسات أو كان مما تتم الصلاة فيه وحده ويدل على نفى البأس عن حمل المتنجس الذي لا يتم فيه الصلاة وحده مضافا إلى الأصل السالم من دليل وارد عليه الاخبار الآتية في محلها بالفحوى بل بعضها كمرسلة ابن سنان الآتية كاد يكون صريحا في شموله للمحمول كما ستعرف بل ربما يستشهد بتلك الأخبار لنفى البأس عن المحمول مطلقا وان كان مما يتم به الصلاة وحده
(٥٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 ... » »»