مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٤٠
محبوبية الاسلام والتوبة من كل أحد الابية عن التخصيص المعتضدة ببعض المؤيدات العقلية والنقلية كيف مع أن من الأمور الواضحة ان من أكبر مقاصد الأمير والحسنين عليهم السلام في حروبهم وغيرها استتابة المرتدين من الخوارج والنواصب والغلاة الذين اعترفوا بإلهية أمير المؤمنين وانهم عليهم السلام كانوا يقبلون توبة من رجع منهم ويعاملون معه معاملة المسلم وتوهم كون ذلك من باب المماشاة لبعض المصالح في غاية الضعف واستدل للتفصيل بين من انكر الشهادتين وبين من انكر ضروريات بعدم القبول في الأول دون الثاني بالشك في شمول الأدلة النافية للتوبة لمنكري الضروري فيبقى عمومات التوبة بحالها وفيه نظر مع أنك عرفت قصور الأدلة النافية عن اثبات الجزء الأول من مدعاه * (تنبيه) * عد بعض الأصحاب من جملة المطهرات غيبة الانسان وزوال العين من باطنه ومن بدن الحيوان أقول اما طهارة بدن الحيوان بعد زوال العين فقد عرفت في مبحث الأسئار انه مما لا ينبغي الاستشكال فيه لكن لو منعنا سراية النجاسة من المتنجسات الجامدة الخالية من العين كما نفينا عنه البعد عند التكلم في مسألة السراية أشكل استفادة طهارة الحيوان من الأدلة المتقدمة في ذلك المبحث فإنها لا تدل الا على طهارة السؤر التي لا ينافيها بقاء الحيوان على نجاسته على هذا التقدير فليس حكم الحيوان حينئذ مخالفا لحكم سائر المتنجسات ومقتضى الأصل انفعاله بالملاقاة وبقاء نجاسته إلى أن يغسل فلا يجوز اتخاذ جلده أو صوفه ثوبا للمصلى ما لم يغسل واما بواطن الانسان فلا ينبغي الارتياب في طهارتها بعد زوال العين وان صحبتها رطوبات ملاقية للعين كما هو الغالب فيها لقضاء الضرورة به (بها) في الجملة فضلا عن انعقاد الاجماع عليه (عليها) كما صرح به غير واحد ويدل عليه مضافا إلى ذلك ما رواه عبد الحميد بن أبي الديلهم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل يشرب الخمر فيبصق فأصاب ثوبي من بصاقه قال ليس بشئ ويؤيده الأخبار المستفيضة الواردة في الاستنجاء وفى دم الرعاف المتقدمة في محلها التي وقع فيها التصريح بأنه انما يغسل الظاهر لا الباطن فلا شبهة في أصل الحكم اجمالا وانما الاشكال في أنه هل ينجس البواطن وكذا بدن الحيوانات بوصول النجاسة إليها فيكون زوالها مطهرا لها أم لا تنجس من أصلها فيكون على هذا التقدير عده من جملة المطهرات مبنيا على المسامحة لكن لا يترتب على حل الاشكال فائدة مهمه عدا استصحاب نجاسة المحل عند الشك في بقاء الحال للحكم بنجاسة ما يلاقيه كما تقدم التنبيه عليه في مبحث الأسئار وعرفت في ذلك المبحث ان استصحاب نفس العين غير مجد في الحكم بنجاسة الملاقى فراجع * (نعم) * لو قلنا بان طهارة الباطن أيضا كطهارة الظاهر شرط في صحة الصلاة ونحوها ولم نقل بمانعية حمل النجس من حيث هو لترتبت عليه ثمرة مهمة لكن المبنى فاسد لعدم الدليل عليه * (وكيف كان) * فالاشكال انما هو فيما لو أصابت البواطن نجاسة خارجية واما النجاسة الواصلة إليها من الجوف فضلا عن النجاسة المتكونة فيها فلا ينبغي الاستشكال في عدم كونها مؤثرة في تنجيسها لعدم الدليل على ثبوت الآثار للنجاسات قبل بروزها في الخارج لانصراف ما دل عليها من النص والاجماع عما لم تخرج بل ربما يدعى الاجماع على أنه لا اثر لها ما دامت في الباطن ولذا حكم بطهارة ماء الحقنة أو الإبرة النافذة في الجوف ونحوها إذا خرجت نقية بل قد يقال بقصور ما دل على نجاسة ملاقيات النجس عن شمول البواطن الملاقية له وان كانت النجاسة خارجية لأن مستند الحكم بالنجاسة اما النص أو الاجماع ولا يخفى ان النصوص الدالة عليه موردها الثوب وظاهر البدن والأواني وأشباهها فلا يتخطى عن موردها الا بالاجماع ولا اجماع في الفرض ولو لم ندع الاجماع على خلافه وفيه ما عرفته عند التكلم في قبول بعض الأشياء الغير القابلة (بل) للعصر للتطهير من أن مقتضى الأصل الأولى المستفاد من تتبع النصوص والفتاوى المعتضدة بمغروسية في أذهان المتشرعة انما هو نجاسة الأجسام الملاقية للنجس مطلقا ولذا لا يتوهم أحد فرقا في ساير الأشياء بين ظواهرها و بواطنها وانما نشاء الشك في خصوص المقام من العلم بأنه لا اثر للنجاسات الملاقية للبواطن بعد زوال عينها فحيث لم يعهد كون زوال العين من المطهرات (في الشريعة يشك في كون الكلية المستفادة عن النصوص والفتاوي مخصصه بالنسبة إليها فالأوفق بالقواعد ابقاء القاعدة على عمومها والالتزام بكون زوال العين من الطهرات) هذا ولكن الانصاف ان القاعدة وان كانت في حد ذاتها مسلمة لكن عمومها غير مجد في نظائر المقام لأن مسند العموم اما القطع بمناط الحكم المنافى للترديد في خصوص المورد أو الاستقراء ونحوه من الأدلة اللبية الغير الراجعة إلى عموم لفظي حتى يتمسك في موارد الشك بأصالة عدم التخصيص أو وقوع التعبير به في فتوى الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم المحكية حيث عبروا فيها بان كل جسم لاقى نجسا ينجس فيستكشف من ذلك كون القاعدة بعمومها متلقاة من الشرع على سبيل الكلية وهذا بعد التسليم انما يجدى بالنسبة إلى الموارد التي عمتها كلماتهم واما البواطن فلم يعلم ارادتها منها بل الظاهر انصرافها عنها إذا المتبادر من حكمهم بنجاسة كل جسم لاقى نجسا إرادة النجاسة التي لا تدور مدار بقاء العين والحاصل ان العلم بان الأصحاب مجمعون على أنه لا اثر للملاقاة بالنسبة إلى البواطن بعد زوال العين مانع من ظهور كلماتهم في ارادتها من العموم ولذا لا يستكشف رأيهم فيها على وجه يجوز استناده إليهم من عموم حكمهم بنجاسة ما يلاقى النجس هذا مع أن استكشاف صدور عموم لفظي من المعصوم من فتاوى الأصحاب بحيث يعامل معه بما يقتضيه قواعد الألفاظ ممنوع فالأشبه هو الحكم بعدم انفعال البواطن وبقائها على ما كان من الطهارة وكذلك الكلام في بدن الحيوان على المشهور من القول بطهارته بعد زوال
(٦٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 635 636 637 638 639 640 641 642 643 644 645 ... » »»