دليل الحكم في الاجماع فيجب الجمع بين وظيفتي الاستعانة والاستنابة بان ينوى كل منهما القربة لاجمال معقد الاجماع وتردد المكلف به بين المتباينين فلا يحصل الجزم بحصول الطهارة التي هي شرط للصلاة الا بالاحتياط ويعتبر في صحة وضوء العاجز ايجاد المسح بيده العاجزة مع الامكان ولا يكفي حصوله من المتولي بامرار يده بدلا من يد المتوضئ لان لليد الماسحة مدخلية في صحة الوضوء فلا تسقط شرطيتها مع الامكان وهذا بخلاف الغسل فان اليد فيه ليست الا آلة للفعل فيكفي حصوله من المباشر باي آلة كانت والله العالم ولا يخفى عليك ان المباشرة التي اعتبرناها شرطا في صحة الوضوء مع الاختيار انما هي عبارة عن أن يكون صدور أفعال الوضوء أعني غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين عن المكلف بنفسه على وجه يستند إليه الفعل عرفا استنادا حقيقيا لا مسامحيا واما مقدماتها فلا يجب حصولها من نفس المكلف من غير خلاف يعرف نعم يستحب له ذلك للأخبار المتقدمة فالمناط في صحة الوضوء استناد نفس الأفعال إلى المكلف عرفا الا انه قد يختفي الصدق العرفي إذ ربما يكون الصاب للماء على العضو هو الغاسل بنظر العرف دون المصبوب عليه وقد يكون الامر بالعكس وقد يشتركان في الفعل فلا يستند إلى أحدهما على سبيل الاستقلال على وجه الحقيقة كما هو المعتبر في صحة الوضوء بمقتضى ظواهر الأدلة فكثيرا ما يشتبه بعض الصور ببعض وعن مفتاح الكرامة ان التولية التوضية بصب الماء على أعضاء الوضوء وان تولى هو الدلك انتهى وفيه نظر والمعيار هو الصدق العرفي وفي موارد الاشتباه يجب الاحتياط تحصيلا للجزم بحصول الشرط المعلوم شرطيته والله العالم * (المسألة السابعة) * لا يجوز للمحدث مس كتابة القران على المشهور بل عن الخلاف وظاهر غيره دعوى الاجماع عليه ونسب إلى الشيخ في المبسوط وابن السراج وابن إدريس القول بالكراهة وعن جملة من المتأخرين الميل إليه والأظهر الأول لقوله تعالى انه لقران كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون بناء على رجوع الضمير إلى القران وكون المراد من النفي النهى ومن المطهرين، المطهرين من الحدث كما يدل عليه استشهاد الإمام (ع) بها في رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خطه ولا تعلقه ان الله تعالى يقول لا يمسه الا المطهرون وفي بعض النسخ خيطه مكان خطه وفي الحدائق روى مرسلا في كتاب مجمع البيان عن الباقر عليه السلام حيث قال بعد ذكر احتمال تفسير المطهرين بالملائكة أو المراد المطهرون من الشرك ما لفظه وقيل من الاحداث والجنابات قالوا ولا يجوز للحائض والمحدث مس المصحف عن محمد بن علي الباقر (ع) انتهى وربما يناقش في ظهور الآية باحتمال رجوع الضمير إلى الكتاب المكنون أو غيره من الاحتمالات المتقدمة في عبارة المجمع خصوصا مع اعتضاد بعضها بما في الاحتجاج من أنه لما استخلف الثاني سئل الأمير (ع) ان يدفع إليهم القران الذي كان عنده إلى أن قال (ع) بعد أن امتنع ان يدفع إليهم فان القران الذي عندي لا يمسه الا المطهرون والأوصياء من ولدى فقال الثاني فهل وقت الطهارة معلوم قال علي (ع) نعم إذا قام القائم من ولدى يظهره ويحمل الناس عليه فتجرى السنة به ويدفعها عدم الاعتناء بالاحتمالات بعد ورود الرواية المتقدمة في تفسيرها * (واما) * رواية الاحتجاج فلا ينافيها بل يؤيدها كما لا يخفى وجهه على المتأمل نعم ربما يتأمل في دلالة الآية بالنظر إلى رواية عبد الحميد المتقدمة حيث إن ظاهرها ان الإمام (ع) استشهد فيها بالآية لجميع الأحكام المذكورة في الرواية مع أن بعضها غير محرم كما يدل عليه الاخبار الآتية فالمراد من النهى في الآية اما خصوص الكراهة أو مطلق المرجوحية فلا يدل على المطلوب فتأمل ومما يدل على المطلوب مرسلة حريز انه (ع) قال لولده إسماعيل يا بني اقرأ المصحف فقال إني لست على وضوء قال لا تمس الكتاب ومس الورق واقرأ * (و) * موثقة أبي بصير أو صحيحته قال سئلت أبا عبد الله (ع) عمن قرء من المصحف وهو على غير وضوء قال لا بأس ولا يمس الكتاب ويمكن الخدشة في دلالة المرسلة فان النهى الوارد فيها ارشادي مسوق لبيان اختصاص المنع المتوهم في المقام كراهة كان أو تحريما بالكتاب دون الورق فلا يستفاد منه الحرمة ثم لا يخفى عليك ان المتبادر من كتابة القران التي ورد النهى عن مسها مطلق النقوش المرسومة للافصاح عما كلم الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وآله مما بين الدفتين من دون فرق بين ما يفصح عن مواد الكلمة أو هيئاتها كالاعراب والشدة والمد وكون هذه الأمور حادثة وعدم كونها مرسومة في الصحف القديمة وعدم اعتبارها فيما يتقوم به اسم القران لا يجدي في إباحة مسها لأنها جزء من القران ما دام وجودها بشهادة العرف ولا يضر بقاء الاسم بعد فقدها وعدم مدخليتها في قوام المسمى إذ ليس هذه الأمور الا كعوارض الاشخاص مما هو جزء للشخص ما دام وجودها الا ترى انك تسمى ابنك زيدا في حال صغره وهو مصداق لهذا الاسم إلى أن يموت وكلما يفرضه من العوارض مثل اللحية والسن والظفر وغيرها اجزاء له حقيقة ما دام اتصالها به ولا ينتفى عنه اسمه بانتفاء شئ منها وبما ذكرنا ظهر لك انه لافرق بين ان يكون المصحف مكتوبا بالخطوط المتعارفة في زمان نزوله أو بالخطوط الحادثة في الأعصار المتأخرة لان المسمى مطلق المهية باعتبار وجوداتها لا المهية المقيدة ببعض اعتباراتها ولافرق ظاهرا في صدق مس القران عرفا بين كون الممسوس جزء منضما إلى
(١٩٢)