نظرات في الكتب الخالدة - حامد حفني داود - الصفحة ١٨٥
فهذه المسألة هي موضع الخلاف الوحيد بين الإمامية وغيرهم من المذاهب الفقهية وقد كانت نظرة أحمد أمين فيها نظرة سطحية لم يشبع فيها بحثه في (فجر الإسلام) وظن أنها من شواذ قضاياهم، مع أنها محل نظر عند الراسخين في العلم من السنة والشيعة فالسنة رأوا لا بأس من الاجتهاد مع وجود النص المسائل المتعلقة بالسياسة والحكم بخلاف العبادات، حين تدعو الظروف الواقعية المجبرة لذلك لعلل لا محل لسردها في هذه العجالة والشيعة يرون أنه لا اجتهاد مع النص وأن الإمامة ليست من الشورى بل هي بنص صريح من النبي عليه السلام، والنبي أمر بتبليغها من قبل الحق سبحانه في قوله:
(يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك) والحق أننا لا نستطيع أن نسفه أحلام هؤلاء ولا هؤلاء لسببين جوهريين:
الأول: أن صاحب الحق وهو علي رضي الله عنه وأرضاه آثر الابقاء على وحدة الأمة على حقه المشروع في الخلافة حتى لا يتزعزع ركن الإسلام وتطل الفتنة من بين الصفوف فتقطع الحرث والنسل الثاني: أن مخالفة النص نظر الشيعة على الرغم مما في ظاهره من هضم لحق (علي) فإنه لم يحدث صدعا في وحدة الأمة للسبب الأول الذي أشرنا إليه والدليل القطعي على ذلك أن الله أثنى على أمة نبيه وهو يعلم ما سيحدث من اختلاف وفتن فيها بقوله:
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وقول النبي عليه السلام:
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 189 190 191 ... » »»