تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٣ - الصفحة ٦٥
أحدهما عصيان النهي عن الغصب، والآخر عصيان النهي عن إيقاع النفس في المبغوض الذاتي، فالمرتكب لذلك التصرف الخاص لم يكن عاصيا بذلك التصرف، وإنما هو عاص من تلك الجهة، وحرمة إيقاع النفس وجعلها مضطرة إلى ارتكاب المبغوض الذاتي ليست غيرية - كما لعلها ربما تتوهم - بل نفسية، وحكمتها السلامة عن مفسدة المبغوض الذاتي، ولا يجب أن يكون الحرام النفسي لمفسدة في نفسه، بل يمكن كونه كذلك لمفسدة حاصلة من غيره، كما أن الواجب النفسي أيضا لا يجب أن يكون وجوبه لمصلحة في نفسه، بل يمكن أن يكون لمصلحة حاصلة في غيره، كما في وجوب تعليم الغير أحكام دينه، إذ لا يعقل أن يقال: إنه واجب غيري، لأنه عبارة عما يجب التوصل به إلى امتثال ما يجب على نفس ذلك المكلف لا غير.
فبهذا اندفع توهم: أن حرمة إيقاع النفس في المبغوض الذاتي لا توجب وقوعه معصية، لما تقرر في محله من أن الحرمة الغيرية لا توجب وقوع موضوعها عصيانا.
وبالجملة: تحقق أن المتوسط في المكان المغصوب مأمور بالخروج لا غير، لكن عليه معصية إيقاع النفس في ذلك المبغوض الذاتي، فعليه من العقاب مقدار ما على ذلك التصرف الخاص على تقدير حرمته أيضا، كما هو الشأن في سائر موارد إيقاع النفس في المبغوض، فإن من جعل نفسه مضطرا إلى شرب الخمر - مثلا - فمع الاضطرار لا يعقل النهي عنه لعدم قابلية المورد، لكنه مبغوض ذاتا، فيعاقب المكلف عقاب شرب الخمر.
والحاصل: أن هنا مقدمات ثلاثا لا محيص لإنكار شيء منها:
أحدها: كون الخروج واجبا من باب التخلص لا غير.
وثانيها: عدم إمكان تحقق المعصية على الخروج.
وثالثها: أنه معاقب بمقدار عقاب الخروج على تقدير حرمته.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اجتماع الأمر والنهي 5
2 مسألة دلالة النهي على الفساد 69
3 في المفاهيم 135
4 في تداخل الأسباب 197
5 [في القطع] 221
6 في المراد من المكلف في عبارة الشيخ (ره) 221
7 في وجه حصر مجرى الأصول 227
8 في بيان المراد من الحجة في باب الأدلة الشرعية 235
9 في القطع الموضوعي والطريقي 247
10 في تصوير وجوه مخالفة القطع 271
11 في حكم التجري 273
12 في وجه قبح التجري 281
13 محاكمة الأخباري في عدم اعتماده على بعض أقسام القطع 301
14 في قطع القطاع 307
15 في أن المعلوم إجمالا كالمعلوم تفصيلا 312
16 في كفاية الموافقة الإجمالية وعدمها 313
17 في كفاية الموافقة الإجمالية في العبادات وعدمها 322
18 في لزوم مراعاة مراتب الامتثال 346
19 في إمكان التعبد بالظن وعدمه 351
20 في وجوه استحالة التعبد بالظن وأجوبتها 353
21 في تصوير مصلحة السلوك وغيره في حل الإشكال 359
22 في تصوير الإشكال من ناحية المكلف والمكلف والجواب عنه 363
23 في تصوير الانحلال في التعبد بالظن على مسلك السلوك 366
24 في أن الأمر بالسلوك مولوي أو إرشادي 367
25 في آثار الالتزام بمسلك السلوك 369
26 في وقوع التعبد بالظن 377