تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٣ - الصفحة ٦٤
التخلص عن الغصب، والحكم العقلي يستتبعه، لما مر في بيان حجة القول الثاني، فيكون مأمورا به بهذا الاعتبار، ومعه لا يعقل تعلق النهي به - كما عرفت - ولا يقع معصية أيضا، لتوقفها على النهي، ولو كان هو النهي السابق إذا كان المنهي عنه من ذوات الأسباب - كما عرفت آنفا - ولا يعقل النهي عن التخلص من أول الأمر، لوجوبه على الإطلاق، ولأنه على تقديره موجب لصيرورة الفعل معصية، فيكون الأمر به أمرا بها، وقد عرفت امتناعه، فتعين كونه مأمورا به لا غير.
وبعبارة أخرى أوضح: أنه لا ينبغي الارتياب في وجوب التخلص عن المقدار الزائد عن ذلك التصرف الخاص من الغصب، وهذا الحكم ثابت لهذا الموضوع من حيث ثبوت الحرمة للغصب.
ومن المعلوم أن هذا الموضوع لا يتحقق إلا بعد الغصب والدخول فيه، فلا يعقل تعلق النهي به ولو كان هو النهي السابق، لاستلزامه للتناقض، فإن النهي عن الذي لا يتحقق إلا بالغصب يناقض الأمر به، فيجب رفع التناقض، ويتعين رفعه برفع النهي مطلقا لعدم إمكان رفع الأمر، فيتحقق أنه مأمور به لا غير، وأنه نفسه ليس معصية لعدم النهي عنه أصلا. نعم هو بذاته مبغوض للشارع لاشتماله على مفسدة الغصب، لكن عروض عنوان التخلص له المقتضي للأمر به من توجه النهي إليه (1) مطلقا، فيكون مرتكبه عاصيا ومعاقبا بمقدار عقاب ذلك التصرف الخاص على تقدير حرمته من جهة أخرى، وهي أن إيقاع النفس في المبغوض الذاتي محرم ولو كان سبب الإيقاع فعلا مباحا، فكيف بما إذا كان محرما كما فيما نحن فيه؟ فإنه أوقع نفسه في ذلك المبغوض الذاتي بارتكابه للدخول في ملك الغير عدوانا، فبالدخول فيه يتحقق عصيانان:

(1) ضميرا (له) و (به) راجعان على (الخروج)، والضمير في (إليه) عائد على (الغصب).
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اجتماع الأمر والنهي 5
2 مسألة دلالة النهي على الفساد 69
3 في المفاهيم 135
4 في تداخل الأسباب 197
5 [في القطع] 221
6 في المراد من المكلف في عبارة الشيخ (ره) 221
7 في وجه حصر مجرى الأصول 227
8 في بيان المراد من الحجة في باب الأدلة الشرعية 235
9 في القطع الموضوعي والطريقي 247
10 في تصوير وجوه مخالفة القطع 271
11 في حكم التجري 273
12 في وجه قبح التجري 281
13 محاكمة الأخباري في عدم اعتماده على بعض أقسام القطع 301
14 في قطع القطاع 307
15 في أن المعلوم إجمالا كالمعلوم تفصيلا 312
16 في كفاية الموافقة الإجمالية وعدمها 313
17 في كفاية الموافقة الإجمالية في العبادات وعدمها 322
18 في لزوم مراعاة مراتب الامتثال 346
19 في إمكان التعبد بالظن وعدمه 351
20 في وجوه استحالة التعبد بالظن وأجوبتها 353
21 في تصوير مصلحة السلوك وغيره في حل الإشكال 359
22 في تصوير الإشكال من ناحية المكلف والمكلف والجواب عنه 363
23 في تصوير الانحلال في التعبد بالظن على مسلك السلوك 366
24 في أن الأمر بالسلوك مولوي أو إرشادي 367
25 في آثار الالتزام بمسلك السلوك 369
26 في وقوع التعبد بالظن 377