حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٨
صياغته للمخططات السياسية، والتغلب على مجريات الاحداث مهما كانت غامضة ومعقدة، فقد أحاطت به أزمات خطيرة وحرجة جدا كادت أن تقضي على حكومته، وتلف لواءها، وكان من أبرزها شيوع الفتن والثورات الشعبية في معظم ارجاء العالم الاسلامي التي سئمت من الحكم العباسي بالإضافة إلى صراعه المسلح مع أخيه الأمين، وقتله له، وقد تخلص من هذه الاحداث بمهارة فائقة فأجبر الإمام الرضا (عليه السلام) على قبول ولاية العهد التي هي أسمى مركز في الدولة العباسية بعد الخلافة، وضرب السكة الرسمية باسمه، وأخذت وسائل اعلامه تذيع بين المسلمين فضل المأمون وما أسداه من الاحسان إلى أهل البيت (عليهم السلام)، فقد رشح سيدهم وامامهم لهذا المنصب الخطير، ونقل بذلك الخلافة من بني العباس إلى السادة العلويين الذين هم دعاة العدل الاجتماعي والعدل السياسي في الاسلام، وقد أخمدت بهذه الخديعة نيران الحروب، وقضي على وسائل الفتن والتمرد على حكومته.
(4) وكان الإمام الرضا (عليه السلام) على علم لا يخامره شك بنوايا المأمون وزيف ما أظهره من الولاء الكاذب للأسرة العلوية، وانه يضمر له بالذات خلاف ما يظهره، وانه يبغي له الغوائل، ويكيده في غلس الليل وفي وضح النهار، فلم يشترك (عليه السلام) مع جهاز حكومته، ولم يبد أي نشاط أو تجاوب بأي عمل من اعمال الدولة، فقد تجرد تجردا تاما عن جميع شؤونها، ولم يبق له سوى الاسم انه ولي عهد المأمون، ويلقي هذا الكتاب الأضواء على هذه الجوانب، وما ألم بها من احداث.
(5) وقد المحنا في تقديم الجزء إلى بحوث هذا الكتاب ومحتوياته بجزءيه، وانما كررنا ذكر بعضها في هذا التقديم نظرا لأهميتها، وبعد نظر القراء إليها سائلين من الله تعالى أن يحشرنا يوم نلقاه في زمرة العارفين بفضل أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، انه تعالى ولي القصد والتوفيق.
النجف الأشرف المؤلف باقر شريف القرشي
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست