حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ١٢
انسان منهم كان لا يدري لأنه انما يعبد غير الذي خلقه ويطيع غير الذي أمره فلا يكونون على حقيقة من صانعهم وخالقهم ولا يثبت عندهم أمر آمر ولا نهي ناه إذا لا يعرف الآمر بعينه ولا الناهي من غيره.
ومنها انه لو جاز ان يكون اثنين لم يكن أحد الشريكين أولى بأن يعبد ويطاع من الآخر وفي إجازة أن يطاع ذلك الشريك إجازة ان لا يطاع الله، وفي إجازة أن لا يطاع الله كفر بالله وبجميع كتبه ورسله واثبات كل باطل وترك كل حق وتحليل كل حرام وتحريم كل حلال والدخول في كل معصية والخروج من كل طاعة.
وإباحة كل فساد وابطال كل حق.
ومنها انه لو جاز ان يكون أكثر من واحد لجاز لإبليس أن يدعي أنه ذلك الآخر حتى يضاد الله تعالى في جميع حكمه ويصرف العباد إلى نفسه فيكون في ذلك أعظم الكفر وأشد النفاق... (1) وحكى هذا المقطع ضرورة الايمان بوحدانية الله تعالى واستحالة وجود شريك له وقد أدلى الإمام (عليه السلام) بأدلته الرائعة على ذلك وانه يلزم من وجود شريك لله تعالى اختلال النظام وفساد الكون وانعدام التوازن في هذه العوالم.
ج - الله ليس كمثله شئ:
قال (عليه السلام): " فإن قال قائل: فلم أوجب عليهم الاقرار بالله بأنه ليس كمثله شئ؟
قيل: لعلل منها: أن لا يكونوا قاصدين نحوه بالعبادة والطاعة دون غيره غير مشتبه عليهم أمر ربهم وصانعهم ورازقهم ومنها انهم لولا يعلموا أنه ليس كمثله شئ لم يدروا لعل ربهم وصانعهم هذه الأصنام التي نصبها لهم آباؤهم والشمس والقمر والنيران إذا كان جائزا ان يكون عليهم مشتبه وكان يكون في ذلك الفساد وترك طاعاته كلها وارتكاب معاصيه كلها على قدر ما يتناهى إليهم من اخبار هذه الأرباب وأمرها ونهيها ومنها: أنه لو لم يجب عليهم أن يعرفوا أن ليس كمثله شئ لجاز عندهم أن يجري عليه ما يجري على المخلوقين من العجز والجهل

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 102.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست