نهاية المطاف ولم يمض قليل من الوقت على تقليد الإمام الرضا (عليه السلام) لولاية العهد حتى تنكر له المأمون كأشد ما يكون التنكر، وأضمر له السوء والغدر، وأخذ يبغي له الغوائل، ويكيده في غلس الليل، وفي وضح النهار، ففرض عليه الرقابة الشديدة، وحبسه في بيته ومنع العلماء والفقهاء من الاتصال به، والانتهال من غير علومه كما منع سواد شيعته من التشرف بمقابلته.
وقد ورم أنف المأمون، وتميز غضبا وغيظا بما يتمتع به الإمام (عليه السلام) من المكانة العظمى في نفوس المسلمين، وقد ترسخت وازدادت حينما أسندت إليه ولاية العهد، فقد رأوا ترسله، وعدم تكلفه، وبعده عن مغريات الحياة، وزهده في الدنيا، ومشاركته للناس في آلامهم، وحنوه على الضعفاء، وعطفه على البؤساء، وسعة علومه، واحاطته بما تحتاج إليه الأمة في جميع شؤونها، وشدة انابته إلى الله تعالى وتقواه إلى غير ذلك من معالي أخلاقه التي يحار الفكر فيها، والتي هي امتداد ذاتي إلى أخلاق جده الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي طور الحياة، وقضى على جميع التخلف والانحراف في دنيا العرب والمسلمين.
رأى الناس الأخلاق العلوية الماثلة في الإمام الرضا (عليه السلام) فهاموا