نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٨٨
النظر عن أهل البيت (عليهم السلام).
ولهذا ظل ميران المرجعية الفكرية يتأرجح فترد من الزمن، وظل الخلفاء في كثير من الحالات، يتعاملون مع الإمام علي على أساس إمامته الفكرية، أو على أساس قريب من ذلك حتى قال الخليفة الثاني مرات عديدة: (لولا علي لهلك عمر، ولا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو حسن) (124) ولكن بمرور الزمن، بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وتعود المسلمين تدريجيا على النظر إلى أهل البيت، والإمام علي بوصفهم أشخاصا اعتياديين ومحكومين أمكن الاستغناء عن مرجعيتهم الفكرية أساسا، وإسنادها إلى بديل معقول، وهذا البديل ليس هو شخص الخليفة بل الصحابة، وهكذا وضع بالتدريج مبدأ مرجعية الصحابة، ككل، بدلا عن مرجعية أهل البيت، وهو بديل يستسيغه النظر بعد تجاوز المرجعية المنصوصة لان هؤلاء هم الجيل الذي رافق النبي (صلى الله عليه وآله) وعاش حياته وتجربته، ووعى حديثه وسنته (143).

(١٤٢) الطبقات الكبرى / ج ٢ / ص ٣٣٩.
(١٤٣) لاحظ أولا تقييم الشهيد الصدر للجيل الأول من الصحابة وهو تقييم ينم عن مدى الموضوعية التي تمسك بها الشهيد الصدر (رضوان الله عليه) في تناوله لتاريخ المسلمين، ولدور الرعيل الأول.
وثانيا: إن جعل الصحابة بديلا عن أهل البيت، لم يحظ بالقبول من كثير من أجلاء الصحابة كسلمان وعمار وأبي ذر والمقداد وغيرهم بل بقي هؤلاء على ولاتهم لأهل البيت، وثالثا: إنه وإن أصبحت سيرد الصحابة أو قول الصحابي أمرا واقعا إلا أنه لم يتم التسليم بحجية أقوالهم وحسبك ان سيرة الشيخين عرضت على الإمام علي (عليه السلام) يوم الشورى فلم يقبل بها، وراجع المناقشة العلمية الشافية في الأصول العامة للفقه المقارن / العلامة محمد تقي الحكيم / ص 133 - 142.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة