نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٥٩
القصير لا يكفي - عادة - في منطق الرسالات العقائدية، والدعوات التغييرية، لارتفاع الجيل الذي عاش في كنف الدعوة عشر سنوات فقط إلى درجة من الوعي والموضوعية والتحرر من رواسب الماضي (91)، والاستيعاب لمعطيات الدعوة الجديدة، تؤهله للقيمومة على الرسالة وتحمل مسؤوليات الدعوة ومواصلة عملية التغيير بدون قائد، بل إن منطق الرسالات العقائدية يفرض أن تمر الأمة بوصاية عقائدية فترة أطول من الزمن، تهيؤها للارتفاع إلى مستوى تلك القيمومة (92).
وليس هذا شيئا نستنتجه استنتاجا فحسب، وإنما يعبر أيضا عن الحقيقة التي برهنت عليها الاحداث بعد وفاه القائد الرسول (صلى الله عليه وآله)، وتجلت عبر نصف قرن أو أقل من خلال ممارسة جيل المهاجرين والأنصار لامامة الدعوة والقيمومة عليها، إذ لم يمض على هذه القيمومة ربع قرن حتى بدأت الخلافة الراشدة والتجربة

(91) لاحظ حدوث حالات النكوص والارتداد بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولاحظ المفارقات والمخالفات الصريحة لمتبنيات الاسلام وأخلاقيته فيما أقدم عليه حتى بعض القادة العسكريين الكبار، كما حصل من مثل خالد بن الوليد، إذا تهمه الخليفة الثاني عمر في قصة مالك بن نويرة فقال عن خالد: انه قتل أمرا مسلما - يعني مالك بن نويرة - ونزا على امرأته.
راجع: تاريخ الطبري / ج 2 / ص 280، الطبعة المحققة / دار التراث بيروت.
(92) كان هذا منطق الرسالات السابقة، كما في وراثة سليمان لداود، وكما في خلافة هارون عن موسى: " قال اخلفني في قومي وأصلح... ".
ثم هو يقتضيه منطق الأشياء، ومنطق الشريعة الخاتمة - راجع الملحق.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة