فجئ بهم إلى المدينة وحبسوا في دار من دور بنى النجار، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى موضع السوق اليوم، وحضر معه المسلمون، وأمر أن يخرجوا وتقدم إلى أمير المؤمنين عليه السلام بضرب أعناقهم في الخندق فاخرجوا أرسالا وفيهم حي بن أخطب وكعب بن أسد وهما رئيسا القوم فقالوا لكعب وهو يذهب بهم إلى رسول الله (ص): ما تراه يصنع بنا؟ فقال في كل موطن لا تعقلون أما ترون الداعي لا ينزع أي لا ينتهى من الدعاء والطلب، ومن ذهب منكم لا يرجع، هو والله القتل وجئ بحي مجموعة يداه إلى عنقه، فلما نظر إلى رسول الله (ص) قال: اما والله ما لمت نفسي على عداوتك ولكن من يخذل الله يخذل، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس انه لا بد من أمر الله كتاب وقدر وملحمة كتبت إلى بني إسرائيل، ثم أقيم بين يدي أمير المؤمنين وهو يقول: قتلة شريفة بيد شريف، فقال علي عليه السلام: ان الأخيار يقتلون الأشرار والأشرار يقتلون الأخيار، فويل لمن قتله الأخيار، وطوبى لمن قتله الأشرار والكفار، فقال: صدقت لا تسلبني حلتي قال: هي أهون على من ذاك، قال سترتني سترك الله ومد عنقه فضربها علي عليه السلام ولم يسلبه من بينهم.
وسأل أمير المؤمنين عليه السلام الذي جاء به ما كان يقول حي وهو يقاد إلى الموت قال: كان يقول:
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه من يخذل الله يخذل فجاهد حتى بلغ النفس جهدها وحاول يبغي العز كل مغلغل وكان الظفر بهم والفتح على يدي أمير المؤمنين عليه السلام.
(فصل) وكان من بلائه عليه السلام في بنى المصطلق ما هو مشهور بين العلماء وكان الفتح له في هذه الغزاة وأصيب أناس من بنى عبد المطلب، وقتل أمير المؤمنين رجلين من القوم وهما مالك وابنه، وأصاب رسول الله (ص)