يدعوهم إلى الصلح والكف عنه والرجوع بقومهما عن حربه، على أن يعطيهما ثلث ثمار المدينة، واستشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فيما بعث به إليهما، فقالا: ان كان هذا أمر أمر الله به ولا بد منه فافعل، وان كنت تفعله من أجلنا كان لنا فيه رأى، فقال صلى الله عليه وآله: لم يأتني فيه وحى ولكني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحده وجاؤوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم، فقال سعد بن معاذ: قد كنا ونحن على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، ولم نكن نطعمهم من ثمرنا إلا قرى أو بيعا، فالآن حين أكرمنا الله بالاسلام وأعزنا بك نعطيهم أموالنا! ما لنا إلى ذلك حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قد عرفت ما عندكم فكونوا على ما أنتم عليه، فان الله لن يخذل نبيه ولن يسلمه حتى ينجز وعده.
ثم جعل صلى الله عليه وآله يدعو المسلمين إلى جهاد عدوهم يشجعهم ويعدهم النصر، فانتدب فوارس من قريش للبراز منهم عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان، وضرار بن أبي الخطاب ومرداس الفهري، وأقبلوا تعنق بهم خيولهم حتى وقفوا على الخندق وقالوا هذه مكيدة لا تعرفها العرب، ثم يمموا مكانا ضيقا من الخندق فاقتحموه وصاروا في السبخة، وخرج أمير المؤمنين عليه السلام في نفر من المسلمين فأخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها، فتقدم عمرو بن عبد ود وقد أعلم ليرى مكانه، وقال: هل من مبارز، فبرز إليه أمير المؤمنين عليه السلام فقال له عمرو: ارجع يا ابن أخي فما أحب ان أقتلك، فقال له علي: قد كنت يا عمرو عاهدت الله أن لا يدعوك رجل إلى إحدى خلتين إلا اخترت إحداهما منه، قال أجل: فما ذلك؟ قال: انى أدعوك إلى الله ورسوله والاسلام فقال لا حاجة لي بذلك قال: فإني أدعوك