مجتمع يثرب - خليل عبد الكريم - الصفحة ٨٧
الزيوف - التي عادة ما تصاحب القارئ لهذه الكتب - هذه العين تستطيع بقدر من التمحيص ان تكشف تلك التبريرات والتلفيقات والتزاويق وتنحيها جانبا وتعكف على الوقائع نفسها تدرسها دراسة موضوعية وتبحثها بحثا علميا مجردا وتحللها تحليلا دقيقا كما فعلنا - على قدر جهدنا وطاقتنا - في هذا البحث. فالاخبار والنوازل والوقائع والاحداث التي أوردناها معجونة - في مصادرها الأصلية - عجنا بالتبريرات والتسويغات والتلفيقات والتزاويق والتجميلات... الخ ولكننا استطعنا بعد قراءة أو قراءات مستأنية متمسكة بحبال الصبر وبعيون ناقدة متحررة من غبش التقديس الزائف ان ننفض عنها كل ذلك ونعيد قراءتها قراءة جديدة نحت جانبا هالات التبجيل المصطنعة وحللناها وعرضناها بموضوعية لعل القارئ قد أدركها.
ومن المهم بمكان ان نذكر ان هالات التفخيم والتعظيم بدأت في تلك المؤلفات مبكرة للغاية ربما منذ (عصر التدوين) لان كاتبيها أو مؤلفيها أو جامعيها يكتبون عن أناس لهم في نظرهم قدر وفير من القداسة وليس صحيحا ان التفخيم والتبجيل والتعظيم لم تعرفها الا كتابات ما يسمى بكل مجانية وخفة ب (عصور الانحطاط) وان كانت النبرة زادت زيادة واضحة والعبارات تضاعفت والنهج نفسه تضخم أو لنقل انه تورم في هذه العصور ولكن الذي لا شك فيه ان البذرة كانت موجودة منذ البدايات الأولى وهذا أمر طبيعي.
وعجبي يتزايد يوما بعد يوم من كليات العلوم الانسانية في الجامعات المصرية والعربية والاسلامية التي لم تلتفت منذ نشأتها إلى تلك الدواوين والكتب والمؤلفات... الخ كمصدر رئيسي للتاريخ والتقييم للحقبة المحمدية على وجه خاص ثم من بعدها للحقبة الخليفية
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 » »»
الفهرست