فتوح اليمن - طبع النجاتي المحمدي - الصفحة ٢
بسم الله الرحمن الرحيم حمدا لله وصلاة وسلام على رسول الله (وبعد) فهذا كتاب فتوح اليمن المعروف براس الغول عن الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه ونفعنا به آمنين قال حدثنا محمد بن إسحاق الكلبي الأعمش عن ابن عباس رض الله عنه حدثنا في الصحيح ان النبي صلى عليه وسلم صلى صلاة الصبح ذات يوم من الأيام وأسند ظهره إلى المحراب ووجهه كالبدر ليلة تمامه والناس حوله مجتمعون وإذا بالغبار وقد ثار حتى اسود منه ضوء النهار وانكشف بعد ساعة للناظرين فتأملوه وإذا به انكشف عن عشرة فوارس كأنهم الليوث العوابس وفي مقدمهم عجوز قد أنحلها السير في البر الأقفر قال ولم يزالوا على ما هم عليه من السير إلى وصلوا إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فأناخوا مطاياهم ونزلت العجوز وسارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأرادت الدخول وقد بان منها أمر عجب وهي أربع عشر ذوابة من الشعر الا جعد والثياب التي ملطخة بالدم الأسود ثم إن العجوز تأملت ذات اليمين وذات اليسار فلم ترا أحسن ولا أبهى من النبي الأواب الناطق بالصواب فأتت إلى ما بين يديه وقالت أهو سيدهم أم غيره وهي بين الحذر والخوف تقول هذه أهل المكارم والصفاء خير الورى * من ساد في الدنيا بفضل محمد * فأيكم المبعوث من آل هاشم * نبي زكي في الورى خير مرشد * فلما فرغت العجوز من شعرها تجاسرت وقالت أيكم النبي العظيم والرسول الكريم فقال لها الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ويلك اما تنظرين إلى البدر الطالع والنور الساطع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قد علاوه السكينة والوقار من ربه الملك الغفار قال فلما سمعت العجوز من الصحابة ذلك الكلام ازدادت يقينا واطمأن قلبها والتفتت إليه وأرادت ان تحقق النظر فما استطاعت ان تحقق نظرها إلى تلك الأنوار البهية وفي الحال خرت إلى الأرض مغشيا عليها هذا وقد انكشف منها عن تلك الذوائب المشروحة فيها تقدم فلما عاين صلى الله عليه وسلم ذلك بكى بكاء شديدا وبكت الصحابة ساعة
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»