رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢
فانتشروا بتجارتهم من الحرم، وكان يقال لهاشم وإخوانه الثلاثة أقداح النضار، ويقال لهم المجبرون، لفخرهم وسيادتهم على العرب.
لقد انقسم الإخوة الأربعة إلى فريقين، فشكل هاشم وعبد المطلب فريقا، وشكل عبد شمس و نوفل فريقا آخر. ووقف الفريق الثاني ضد الأول، وأخذ أحفاد الفريق الثاني يجهرون بمشاعر الإحتجاج والحسد، ولم تتوقف هذه المشاعر] حتى [بظهور الإسلام، بل ازدادت توهجا وحدة، فقد عز على أحفاد الفريق الثاني أن يكون النبي (ص) من بني هاشم ولا يكون منهم، فحاولوا وبكل الوسائل المتاحة صرف شرف النبوة عن بني هاشم، أو إجهاض هذا الشرف، فوحدوا قريش ضد النبي (ص) وضد بني هاشم، تحقيقا لهذه الغاية، فحاصرت قريش - بزعامة بني عبد شمس وبني نوفل - بني هاشم، واشتركوا بمؤامرة، لقتل النبي (ص) ليلة هجرته (1).
وبعد الهجرة أشعلت قريش نار الحرب على النبي (ص)، وكان أبو سفيان حفيد عبد شمس هو القائد العام لجيوش الشرك، وكان بنوه وأبناء عمومته الأمويون هم أركان قيادة جيوش الشرك.
ساد هاشم] قريشا [بعد أبيه فحسده ابن أخيه أمية، فتكلف أن يصنع ما يصنع هاشم، ولكنه عجز عن مجاراة هاشم، فعيرته قريش، فادعى أمية أنه أشرف من هاشم ودعاه للمنافرة، فأبى هاشم ذلك لعلو شرفه، ولأن أمية ابن أخيه وبمثابة ابنه، فلم تدع قريش الرجلين حتى تنافرا إلى كاهن خزاعة، واشترطا أن يدفع الخاسر بالمنافرة إلى الآخر مئة ناقة سود الحدق، وأن يجلو عن مكة عشر سنين، وتوجه الفريقان إلى كاهن خزاعة، وقبل أن يخبروا الكاهن بأمرهما قال: والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى بعلم مسافر، من منجد وغائر، لقد سبق هاشم أمية بالمفاخر. وهكذا خسر أمية، ودفع النوق إلى هاشم فنحرها، وأطعم الناس، وجلا أمية عشر سنين إلى بلاد الشام، تنفيذا لشروط المنافرة، ومع هذا فقد بقي الهاشميون والأمويون كفرسي رهان.
ولما سمع الأمويون أن أحدا من أبناء عبد مناف سيكون نبيا، واعتقد أبو سفيان أنه أصلح ذرية عبد مناف للنبوة طمع فيها. وعندما أعلن محمد (ص) الهاشمي نبأ نبوته، جن جنون أبى سفيان، وعارض ذلك بشدة، وحسدت قريش الهاشميين على هذا الشرف، فوقفت وقفة رجل واحد بقيادة بني أمية ضد النبي (ص) وضد بني هاشم، فحاصرتهم وتآمرت على قتل النبي (ص)، وناصبوهم العداء طوال فترة الدعوة في مكة المكرمة.
وبعد الهجرة جيشت قريش الجيوش لحرب النبي (ص)، وأسندت قيادة تلك الجيوش لبني أمية.
وخلال حرب قريش مع النبي (ص)، قضى الهاشميون على زعامة بني أمية، وزعامة

١ - راجع طبقات ابن سعد ج ١، ص ٢٠٢ - ٢٠٣: والسيرة الحلبية ج ١، ص 336.
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»